كرينميل 46- عدد خاص بمناسبة العام الجديد
في هذا العدد
القراء الأعزاء،
اهلا بكم في عام 2013 وهذا الاستعراض لواقع حقوق الطفل وما فيه من انجازات وتراجعات على مدار العام المنصرم.
وما بين الضغط من أجل حقوق الإنسان، إلى الاستجابة للقضايا الملحة، فقد حمل عام 2012 في ثناياه تغييرات جديدة وكذلك تحديات وفرص في مجال مناصرة حقوق الطفل. فبينما واجهنا حالة الارتداد في بعض القضايا والجوانب إلا اننا نرى بالمقابل اصلاح قانوني ايجابي بالمجمل في مجالات اخرى.
ارتباطا بما مضى ومع بداية عام جديد فها نحن نستطلع عام 2013 وما الذي يخبئه سواء على صعيد عمل كرين او على صعيد حقوق الطفل عالميا. لنظرة اكثر شمولية وتعمق حول عمل كرين خلال العام المنصرم واهم الاحداث التي عنونت العام يمكنكم الاطلاع على تقرير كرين السنوي 2011-2012 هنا.
نتمنى لكم قراءة ممتعة ومفيدة
حقوق الطفل في عام 2012
طائفة واسعة من الانتهاكات لحقوق الطفل في عدد كبير من الدول والمناطق خلال العام المنصرم، ولعل ابرزها تلك المتمثلة بعمليات قتل وتعذيب الاطفال في عدد من الدول وخصوصا سوريا، وأحكام الاعدام او السجن مدى الحياة بحق الاطفال اضافة الى قمع الاطفال المشاركين في الاحتجاجات. في هذا السياق، واصلت كرين خلال عام 2012 تحديد والتعريف بهذه الانماط المتكررة من العنف والإهمال وقامت بتطوير عدد من الموارد الخاصة بالمناصرة والتي يمكن ان تمهد الطريق لعمل جماعي وموحد داخل منظومة حقوق الطفل.
لقد احتل قضاء الأحداث جزءا مهما اولويات كرين في العمل في عام 2012. فقد ظهر اتجاه بين بعض الدول لتخفيض او قامت بالفعل بخفض الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية للاطفال. استجابة - وتزامنا مع اليوم السنوي لحقوق الطفل 2011 ضمن مجلس حقوق الانسان حول "الأطفال وإقامة العدل" فقد قامت كرين بإعداد تقرير يسعى لإثارة النقاش من جديد بشأن قضاء الأحداث، والذي تجاوز في مضمونه تلك المقترحات المتعلقة برفع أو خفض الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية بعام أو اثنين. واقترح ارضية للنقاش والجدل تسعى إلى تلبية الحاجة للفصل بين مفهومي المسؤولية والتجريم، والتوقف عن التعامل مع الأطفال كمجرمين.
ان الحاجة إلى الإصلاح القانوني في نظم العدالة الجنائية في جميع أنحاء العالم تشمل ايضا الحاجة الى تغيير القوانين ذات العلاقة بالأحكام اللاانسانية بحق الاطفال والتي تشمل العقوبة البدنية والسجن مدى الحياة وعقوبة الإعدام. على الرغم من الحاجة الملحة لوقفها، إلا انه لم يحرز اي تقدم يذكر على هذا الصعيد خلال عام 2012. فعلى سبيل المثال، هناك 26 حدث قاصر محكوم عليهم بالإعدام في اليمن فيما نحو 170 آخرين معرضون لذلك، وفي اليمن ايضا اعدم خلال العام المنصرم الشاب فؤاد علي عبد الله أحمد السيد (الشهاري) في السجن المركزي في تعز بزعم ارتكابه جريمة قتل في حزيران من عام 2004، حيث أفادت عائلته بأنه كان قاصرا في ذلك الوقت.
في بوتسوانا توفي صبي عمره 15 عاما متأثرا بالإصابات والجروح التي لحقت به بعد تنفيذ حكم بالجلد، اما في الولايات المتحدة فتجري محاكمة طفل يبلغ من العمر 12 عاما كشخص بالغ ويواجه السجن مدى الحياة لارتكابه جريمة قتل، وفي ايران اعدم طفل واحد على الأقل فيما ينتظر في صف الاعدام أكثر من 140 شخصا والذين ارتكبوا جرائم عندما كانوا دون سن 18 عاما، كما لا زالت 45 دولة ضمن رابطة الكومنولث تسمح أن تصل العقوبة إلى السجن مدى الحياة بحق الاطفال.
ولكن وحتى لا تعكر هذه السحابة امالنا على صعيد قضاء الأحداث، فقد حضرت في 2012 اصلاحات قانونية ايجابية. فقد قضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة بان عقوبة السجن مدى الحياة دون إلزامية إمكانية الإفراج المشروط المفروضة على الأطفال غير دستورية، في حين أعلنت الأرجنتين ان السجن مدى الحياة للأطفال ينتهك اتفاقية حقوق الطفل.
العام الماضي شهد أيضا استهداف للمدافعين عن حقوق الانسان وحقوق الطفل وذلك بسب انشطتهم. حيث واجه العشرات محاكمات عسكرية في كل من البحرين ومصر. اما في المكسيك، فجميع قطاعات المجتمع المدني كانت عرضة للتهديد والاعتداء والقتل، سواء من قبل الجماعات الإجرامية او أفراد من قوات الأمن. وفي الوقت نفسه، اصدرت كل من إسرائيل وروسيا قوانين تقيد عمل المنظمات غير الحكومية للحد من الانتقادات الموجهة إلى السلطات.
وفي الوقت الذي واصل في الاطفال والشباب اثبات قدرتهم على العمل كمدافعين عن حقوق الإنسان – وهو ما ظهر بشكل واضح وجلي خلال الربيع العربي – إلا ان الحكومات استمرت في رفضها الاستجابة لمطالبهم وقمع حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات. ففي كل من تشيلي وهندوراس تجمع مئات الالاف من طلبة الجامعات والمدارس الثانوية للمطالبة بإجراء تحسينات على نظام التعليم والذي يعاني من نقص كبير في التمويل ومن خطط لخصخصة التعليم. وكان الرد بقتل اثنين من المراهقين فيما اعتقلت شرطة مكافحة الشغب مئات الطلبة. وبالمثل في روسيا، فقد ادت ادعاءات حول تزوير الانتخابات الى اضخم مظاهرات منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وفي محاولة السلطات وسعيها إلى منع الأطفال من المشاركة في الاحتجاجات، فقد اعلنت عن ايام دراسية إلزامية بالتزامن مع أيام الاحتجاجات. اما في سوريا فقد قتل فيها اكثر من 4500 طفل منذ شباط 2011، فيما وصل عدد القتلى الى اكثر من 52 الف قتيل. اما عمليات التعذيب على ايدي اجهزة النظام فقد طالت عشرات آلاف المدنيين السوريين. وقد جلب العام الماضي أيضا المزيد من العقبات التي حالت دون حرية الأطفال في ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية، ولا سيما حقهم في الحصول على المعلومات والوصول إليها. فتحت مزاعم زائفة تتعلق ب "حماية الطفل"، صدرت مجموعة من القوانين المضادة لمثلي الجنس في أوروبا الشرقية، وروسيا وأوكرانيا ومولدوفا ولاتفيا حيث اقترحت وسنت تشريعات تحظر توزيع أو الحصول على معلومات عن المثلية الجنسية.
بعض الامل جاء من الارجنتين حيث انتصار لحقوق الطفل تمثل بإعطاء الاطفال في سن 16 و 17 الحق في التصويت في الانتخابات. وفي اسكتلندا سيتوجه الأطفال من سن 16 إلى صناديق الاقتراع في عام 2014 للإدلاء بأصواتهم بشأن ما اذا كانوا يعتقدون ان البلاد يجب أن تصبح دولة مستقلة، وفي ويلز، تدرس الحكومة خفض سن الاقتراع إلى 16 في جميع الانتخابات والاستفتاءات في البلاد.
الخبر السار جاء أيضا من تايلاند والغابون، وكلاهما صدقت على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل "آلية الشكاوى". هناك حاجة الى مصادقة ثمانية دول اخرى على البروتوكول من أجل أن يدخل حيز التنفيذ. وفي الوقت نفسه، أصبحت أوروغواي والفلبين أولى الدول التي صدقت على الاتفاقية بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين، مما يعني أنها سوف تدخل حيز النفاذ في أقل من سنة من الآن.
وفيما يتعلق بتحدي القوانين الرجعية، فقد شكلت عدد من الدول الأفريقية مثالا يحتذى به على صعيد محاربة العقاب البدني. ففي العام الماضي وحده، انضمت جنوب السودان وتوغو وتونس وكينيا الى حظر العقاب البدني في جميع الظروف، بما في ذلك المنزل. وفي الوقت نفسه، أصبحت كوراساو، البلد الكاريبي ضمن مملكة هولندا، الاولى التي تحظر العقاب البدني للأطفال في جميع الظروف. وأصبحت بليز أول دولة في منطقة البحر الكاريبي الناطقة باللغة الإنجليزية تحظر العقاب البدني في المدارس. كما دعمت كرين الحملة الموجهة الى موقع بيع الكتب الاكبر في العالم أمازون، لوقف بيع "أدلة الأبوة والأمومة" التي تشجع على الضرب حتى يطيع الاطفال الوالدين، وذلك باستخدام العصي وغيرها من الأدوات بحق الأطفال الصغار.
ضاقت الدائرة ايضا حول اولئك الذين تستروا على حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال، ومن ضمنهم مؤسسات دينية وعدد من المشاهير الموثوق بهم. وقد أدت الانتقادات العلنية ضدهم وطلب المساءلة الى سوابق أخرى جديدة حول العالم، ومع أحكام قضائية وإدانات صادرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فضلا عن الشروع في تحقيقات واسعة النطاق في اعتداءات مزعومة في بلجيكا، وأيرلندا، و هولندا واستراليا.
وعلى صعيد أكثر سلبية، فقد شملت قائمة الأمين العام للأمم المتحدة "قائمة العار"، الدول التي تنتهك المعايير الدولية بشأن الأطفال والصراعات المسلحة، على مدى السنوات الماضية. ظهرت الجماعات المسلحة في أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والعراق، ضمن هذه القائمة، فضلا عن القوات الحكومية السورية التي قامت وبانتظام بقصف، حرق، ونهب المدارس، والاعتداء على وتهديد المعلمين والطلاب والعاملين في المجال الطبي.
شهد العام الماضي تطورات في مجال العدالة الدولية، فقد اصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكمها الأول والوحيد من نوعه حتى الآن، والذي اتهم زعيم الحرب الكونغولي توماس لوبانغا، بتجنيد الأطفال. وفي الوقت نفسه، القي القبض على اثنين من مجرمي الحرب الهاربين لاشتراكهم في حروب العام 1990 في يوغوسلافيا السابقة، بما في ذلك تهمة التخطيط لقتل نحو 7500 رجل وفتى بوسني مسلم. كانت هناك أيضا مؤشرات إيجابية لسيادة القانون في الأمريكتين، وغواتيمالا حيث اولى المحاكمات والإدانات ضد أعضاء سابقين في الجيش منذ نهاية الحرب الأهلية في البلاد، في حين ادانت الأرجنتين اثنان من الطغاة السابقين المتهمين بسرقة عشرات الأطفال لسجناء سياسيين اختفوا خلال الحرب القذرة في البلاد.
لقراءة التقرير السنوي لكرين 2011-2012.
حقوق الطفل في عام 2013
جلبت بداية عام 2013، معها العديد من التغييرات والتحديات والفرص الجديدة.
تغييرات جذرية حصلت على لجنة حقوق الطفل، ليس فقط مع انتخاب تسعة أعضاء جدد، ولكن أيضا مع التطورات المتوقعة ذات العلاقة بالبروتوكول الاختياري الجديد لآلية الشكاوى. فمع قيادة أكثر من 11 دولة حملة عملية الصياغة، ومع وجود اكثر من 50 دولة اعربت عن دعمها لنص البرتوكول فان كرين تأمل في أن تعرب الدول عن التزامها بحق الأطفال في الوصول إلى العدالة، حيث هناك حاجة الى تصديق عشرة دول على الآلية لتدخل حيز التنفيذ .
وعلى صعيد الدول العظمى، الصين والولايات المتحدة، وبعد التحولات على صعيد السلطة التنفيذية، وبروز قادة جدد يحملون معهم توقعات كبيرة. فبعد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، فإن الكثيرين يعتقدون ان البلاد على مفترق طرق ما بين الرقابة المستمرة والمزيد من حرية التعبير في ظل زعيمه الجديد. وفي الوقت نفسه ومع إعادة انتخاب باراك أوباما كرئيس للولايات المتحدة، والذي قاد بعض الخطوات الحقوق في بلاده حيث اكد سابقا على حقوق الفئات المحرومة. تأمل كرين وعلى صعيد حقوق الطفل ان تقوم الولايات المتحدة بالتصديق على اتفاقية حقوق الطفل.
اما أمريكا اللاتينية فلا تزال محطة للأمل بما يتعلق بالعدالة بخصوص الانتهاكات السابقة، حيث هناك تطورات واعدة بخصوص الإفلات من العقاب في غواتيمالا والأرجنتين وكذلك البرازيل، اضافة الى انتقادات متزايدة لقوانين العفو في أماكن أخرى في المنطقة، بما في ذلك من قبل اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان في الامريكيتين.
وفي جنوب شرق آسيا، فعلينا ان ننتظر لنرى اذا ما ستبقى رابطة أمم جنوب شرق آسيا (ASEAN) تواصل أعمالها في سرية وتكتم، أو ستسعى لتثبيت نفسها كمؤسسة شفافة تسعى بلا هوادة الى تطبيق معايير حقوق الإنسان الدولية في جميع أنحاء المنطقة.
اما الربيع العربي فيواجه تحديات خطيرة على صعيد وجوده، وذلك من خلال ممارسات وانتهاكات لقياداته المنتخبة وخصوصا في مصر. فمنذ بداية العام والاحتجاجات مستمرة على الدستور اولا وعلى انتهاكات حقوق الإنسان والحريات عامة. فعمليات القتل والاعتقال بدون تمييز للبالغين والأطفال اضافة الى الاعتداء على النساء والتحرش هي الحاضرة بقوة في الشارع المصري.
أما بالنسبة لكرين، فسوف نستمر بالوفاء بدورنا في تعزيز والدفاع عن حقوق الطفل في مواجهة الانتهاكات الجديدة والمستمرة. وسنستمر وبكل عزيمة في مواصلة مناصرة قضايا حقوق الطفل والدعوة لتغيير القوانين لصالح الاطفال. ستسعى كرين ايضا خلال 2013 الى تعزيز حضورها ودورها في المنطقة العربية وستركز عملها على دعم الحقوق المدنية والسياسية للأطفال وعلى تلك الفئات التي ينتهك حقها في الحماية من خلال الاحكام اللاانسانية والسجن مدى الحياة والإعدام والعقوبات البدنية والايذاء. ستعمل كرين ايضا ومع شركائها على نشر ثقافة عدالة الاحداث في المنطقة وستناضل لإرساء ثقافة جديدة لعدالة الاحداث تسعى لوقف تجريم الاطفال وتتجاوز محدودية النقاش القائم على سن المسؤولية الجنائية. سوف تستمر كرين ايضا في ضغطها وتشجيها للدول العربية من اجل التوقيع والمصادقة على البروتوكول الثالث لاتفاقية حقوق الطفل "الية الشكاوى" وستعمل ايضا على رفع مستوى التشبيك مع الاجسام والائتلافات العربية الخاصة بحقوق الطفل.
|