يشتمل الحكم بالسجن مدى الحياة على ممارسات عديدة تبدأ من اشد أنواع السجن قساوة، وهو السجن المؤبد دون إفراج مشروط، مما يعني الحكم على السجين بالموت في السجن، إلى أحكام السجن غير المحددة والتي لا يعرف السجين فيها كم سيمضي في الحبس.
والصفة المشتركة لهذه الأحكام هو أنها حالما تصدر يظل الإنسان عرضة للاحتجاز لبقية حياته.
ركزت العديد من حملات مناهضة الأحكام اللاإنسانية على عقوبة الإعدام والسجن مدى الحياة دون إفراج مشروط، وهذا يعني بأن هنالك أنواع أخرى من الأحكام اللاإنسانية يتم إهمالها، والمقلق بالنسبة لكرين هو استبدال الدول لعقوبة الإعدام والسجن مدى الحياة بالأحكام طويلة الأمد حيث يكون الأطفال فيها عرضة للموت في السجن، وبذلك تتملص الدول من الإدانة والانتقاد الدوليين.
لا تنظر كرين لأحكام السجن المؤبد المعلنة (مع أو دون الإفراج المشروط) فحسب، بل للأنواع الأخرى التي قد يكون لها نفس التأثير، فليس من الجيد بمكان أن تستبدل الدولة حكما لا إنسانيا بآخر.
معايير حقوق الإنسان
تحظر اتفاقية حقوق الطفل السجن مدى الحياة دون إفراج مشروط، وهو ما أصبح نادرا بين الدول إذا استثنينا منها الولايات المتحدة، وقد أصبحت هذه الأحكام أقل بعدما حظرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة، في قضية ميلر ضد الاباما، أحكام السجن المؤبد الإلزامي دون إمكانية الإفراج المشروط للأشخاص دون سن 18، مما أدى إلى مراجعة للأحكام السابقة المشابهة. ومثل ذلك حدث في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حيث قضت بأن "أحكام السجن المؤبد غير القابلة للتخفيف"، والتي لا يمكن أن يكون فيها فرصة حقيقية للشخص بالإفراج، لا تتماشى مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
السجن المؤبد في الكومنولث
يركز هذا التقرير على أحكام السجن المؤبد في دول الكومنولث لثلاثة أسباب: أولا، تنتشر أحكام السجن المؤبد كثيرا في دول الكومنولث، وثانيا لأن التاريخ القانوني المتشابه للكومنولث تسبب في ممارسات متشابهة ومنتشرة، وثالثا لتسليط الضوء على نوع من أنواع الأحكام اللاإنسانية المبطنة من خلال التركيز على عقوبة الإعدام باعتبارها اشد العقوبات قسوة.
وجدت كرين بأن هنالك 45 دولة من بين 54 دولة من دول الكومنولث لا تزال تسمح بالسجن المؤبد للأشخاص الذين كانوا تحت سن الثامنة عشر عند ارتكابهم للجرم. ينتهك أي حكم يؤدي إلى سجن الطفل مدى الحياة اتفاقية حقوق الطفل، والتي تمنع "التعذيب أو أي عقاب أو معاملة لا إنسانية أو مهينة"، كما وتقضي الاتفاقية بأن يعامل الأطفال الذين هم في نزاع مع القانون "على نحو يعزز احترام الطفل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للآخرين، ويأخذ بالحسبان سن الطفل والرغبة في تعزيز إعادة دمج الطفل في المجتمع لما له من دور هام بناء في المجتمع"
كان هنالك تقدم في تحريم عقوبة الإعدام على الأطفال، وهي عقوبة نادرة جدا دوليا في الوقت الحالي، ولكن أدخلت العديد من الدول عقوبة السجن مدى الحياة الإلزامي مكان عقوبة الإعدام، وهو شكل آخر من أشكال العقوبة القاسية أو اللاإنسانية. وضعت 27 دولة من دول الكومنولث تدابير تضمن بأن الأطفال الذين ينجون من حكم الإعدام، يموتون في السجن بلا شك.
تسبب الانتشار الواسع للعقوبات غير محددة المهلة بتداخل عقوبة السجن المؤبد مع غيرها من عقوبات الحبس. تسمح 26 من دول الكومنولث للمحكمة أو للسلطة التنفيذية بالحكم بالاحتجاز متى أرادوا، مما يسمح بالاحتجاز غير محدد المدة لشخص ما، دون التأكيد كما في أحكام السجن المؤبد. بينت الدراسات في المملكة المتحدة بهذا الصدد أن هنالك تزايد في المشاكل النفسية لدى الذين يحكمون بالسجن غير محدد المدة مقارنة مع الذين يحكمون بالسجن مدى الحياة، وهذا مؤشر على مدى الضرر الذي تسببه الأحكام غير المؤكدة والتي قد تبدو اخف.
لم تحظر أحكام السجن المؤبد بحق الأطفال سوى خمس دول من الكومنولث، وهذا ما يبين أن مكافحة مشاكل جرائم الشباب لا يعتمد بالضرورة على الأحكام العقابية القاسية. فعندما صيغت اتفاقية حقوق الطفل قبل عقدين من الزمن، دعت المنظمات غير الحكومية لحظر واضح لأحكام السجن المؤبد واجبروا على قبول حظر أحكام السجن المؤبد دون إخلاء مشروط تحت إطار الإجماع في الرأي.
من الضروري التركيز أكثر على الأحكام، التي من الممكن أن تؤدي إلى بقاء الطفل/ة في الاحتجاز لبقية حياته/ا، ومناهضتها. تؤمن كرين وآخرين بأن المبرر الوحيد لاحتجاز الأطفال هو إذا ما قيم الطفل واعتبر خطرا على الأمن العام، وأن صلاحية المحاكم هي الحكم بالاحتجاز لمدة قصيرة جدا بعد الافتراض أن الإفراج عن الطفل يقع ضمن مسؤوليات الدولة من اجل إثبات أن اعتبارات الأمن العام تبرر فترة احتجاز قصيرة أخرى فقط، وهذا المبدأ ينطبق فقط على الاحتجاز ما قبل المحاكمة أيضا.
يهدف هذا الملخص لتسليط الضوء على مدى انتشار وتعدد القوانين التي تسمح بالسجن المؤبد بحق الأطفال والقوانين التي من الممكن أن تؤدي إلى موت الطفل في السجن، بالإضافة إلى الآمال التي من الممكن أن تؤدي إلى مراجعة تلك الأحكام الصادرة بحق الأطفال لضمان أنها متوافقة مع اتفاقية حقوق الطفل والمعاهدات الأخرى. تؤمن كرين بأن أحكام السجن المؤبد لا مكان لها في نظام عدالة الأحداث.
حملة: