Submitted by crinadmin on
Summary: مقال بقلم المفوض العام للأونروا كارين أبو زيد ووزير التعاون التنموي السويدي غونيلا كارلسون عشر خطوات لبناء مستقبل من أجل أطفال غزة [29 يناير 2009] لقد كان الوضع في غزة بالفعل قبل السابع والعشرين من كانون الأول مزريا، وذلك بسبب ثمانية عشرة شهرا من العزلة واندلاع الصواريخ الفلسطينية والهجمات الإسرائيلية. وكان هناك نقص في الغذاء والوقود والأدوية بحيث أصبح حوالي 75% من سكان غزة البالغ عددهم مليونا ونصف يعتمدون على المساعدات الغذائية من الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن تقييم مدى المعاناة والاحتياجات الإنسانية سيستغرق بعض الوقت، إلا أن الأسابيع الثلاث من الهجمات الإسرائيلية على غزة كان لها عواقب إنسانية وخيمة. فقد لقي 1,314 شخصا مصرعهم، من بينهم 412 طفلا، وذلك وفقا لمصادر فلسطينية، فيما تعرض 5300 شخص للإصابة بجراح مختلفة، منهم 1855 طفلا. وتعرضت للدمار أكثر من 50 منشأة من منشآت الأمم المتحدة، معظمها من المدارس. وبعد 22 يوما من القتال، بدأ الأشخاص الذين كانوا قد فروا من منازلهم بالعودة إليها. ومع ذلك، فإن الكثيرين منهم، لم يغادروا منازلهم. ويقدر أن نحو 15% من المباني في غزة قد دمرت، وذلك وفقا لما ذكرته المصادر موجودة على أرض الواقع. وتقدر الاحتياجات الإنسانية وحدها في الوقت الحاضر بمئات الملايين من الدولارات، ومن المرجح أن تصل تكاليف إعادة الإعمار إلى ما مجموعه مليارات الدولارات. ولكن المهمة التي تنتظرنا لا تكمن فقط في تقديم المساعدات الإنسانية والمساهمة في إعادة إعمار غزة. بل هي أيضا تتمثل في قيامنا بتقديم حياة كريمة لشعب غزة وتوفير نظرة استشرافية تقدمية لهم تكون واقعية وإيجابية. وذلك أمر ضروري من أجل تخفيف جدول أعمال التطرف والعنف. وكما هو الحال في كافة الصراعات، فإن الأطفال والشباب هم من بين الفئات الأكثر ضعفا. وفي غزة، فإن 56% من السكان هم من الأطفال. وبلغة الأرقام، فإن هذا يعني أن نحو 850,000 طفل هم بحاجة ماسة لأن يكون لهم نظرة استشرافية للمستقبل. وعلى الرغم من أنهم معتادون على العنف وعلى الظروف الإنسانية المتردية، فإن الصراع الذي نشب مؤخرا قد جلب لحظات رعب جديدة في حياتهم. وفقد البعض منهم أفراد أسرهم وبيوتهم والعديدون منهم يعانون من صدمات نفسية. وقد قمنا سويا بتحديد خطوات عشر من شأنها أن تعمل على بناء مستقبل لأطفال غزة: أولا: يجب تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة. ويجب توفير الغذاء والدواء والوقود والمياه ووسائل الصرف الصحي، فضلا عن المأوى للمشردين. كما ويجب إعادة بناء المنازل. وتعمل الأمم المتحدة حاليا على تقييم الأضرار وعلى تقييم احتياجات الإغاثة. وسيتم في وقت قريب الإعلان عن مناشدة موحدة للأمم المتحدة من أجل جمع تمويل عاجل. ثانيا: يجب أن يتم إزالة الذخائر التي لم تنفجر وأن يتم إعادة إعمار البنية التحتية. إن تلك الذخائر التي لم تنفجر عند ارتطامها بالأرض يمكن أن تعمل على استمرار القتل والتشويه، ولفترات طويلة بعد انتهاء أعمال العنف. كما أن نقص مواد البناء قد أجبر الأونروا على تعليق مشاريع بناء بقيمة 93 مليون دولار منذ حزيران من عام 2007. ثالثا: يجب بذل كل جهد ممكن لإعادة إحساس الأطفال بالحياة الطبيعية. كما أن التركيز على برامج الدعم النفسي والاجتماعي، وهو المجال الذي تنشط فيه حاليا الأونروا وغيرها من جهات الأمم المتحدة الفاعلة والسويد والعديد من المنظمات غير الحكومية، يستحق اهتماما وموارد إضافية. رابعا: يجب أن يعود الأطفال إلى المدارس في أسرع وقت ممكن. إن المدارس في غزة، والتي تدير الأونروا نصفها تقريبا، توفر في العادة خدمات التعليم لما مجموعه 440,000 طفل. كما أنها تعمل أيضا على تزويد الأطفال بالروتين الهام في حياتهم وبالنشاط الاجتماعي وبوسيلة للهروب من بيئة ستكون ضاغطة عليهم لو لم تتوفر لهم تلك المدارس. وقد استؤنفت بالفعل الدراسة في الصفوف في أكثر من مئتي مدرسة للأونروا توفر التعليم لنحو 200,000 طفل. خامسا: يجب أن يتم السماح لأطفال غزة بأن يكونوا أطفالا. لقد عمل برنامج الألعاب الصيفية في السنتين الماضيتين على جذب مئات الآلاف من الأطفال في نشاطات تعليمية وترفيهية ساعدتهم على الهرب من وطأة الفقر والعنف. وتطمح الأونروا وبثبات على أن تعمل على ترتيب برنامج مماثل في عام 2009، وذلك على الرغم من التحديات الواضحة. سادسا: يجب أن تكون المساعدات الإنسانية الدولية منسقة تنسيقا جيدا. إن على الجهات العاملة في المجال الإنساني والجهات المانحة مسؤولية تفادي الازدواجية غير الضرورية في كل من عمليات التقييم والمساعدة. وللأمم المتحدة دور خاص في هذا المجال. سابعا: يجب أن يستمر التعاون التنموي لدعم خطة الحكومة الفلسطينية للإصلاح والتنمية. إن بناء الدولة من خلال دعم المؤسسات الديمقراطية، بما فيها قطاع العدالة والمجتمع المدني والتنمية المحلية المستدامة والخدمات البلدية وإمكانية الحصول على مياه شرب نظيفة وصرف صحي والطاقة تعتبر أمرا ضروريا من أجل إعادة إنعاش غزة والذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار والتنمية القابلة للحياة على المدى الطويل. ثامنا: يجب أن يتم وضع حد للعزلة الاقتصادية التي تعيشها غزة. ويجب فتح المعابر الحدودية أمام حركة الناس والبضائع، بما في ذلك مواد البناء، وفي نفس الوقت فإن هناك حاجة أيضا لاتخاذ تدابير محددة لمنع تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى غزة. إن زيادة الواردات من السلع الاستهلاكية إلى قطاع غزة يجب أن يمهد الطريق لاستيراد السلع الصناعية. إن اقتصاد قابل للحياة في غزة يعتمد على الحدود المفتوحة للصادرات والواردات على حد سواء. تاسعا: يجب أن يتم المحافظة على وقف إطلاق النار وأن يتم تعزيزه. إن قرار مجلس الأمن رقم 1860 يجب أن يطبق من جميع جوانبه. عاشرا: يجب العودة إلى عملية سلام سياسية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية. ويبقى الهدف المنشود هو الحل الشامل للصراع في الشرق الأوسط وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام. وعلى الرغم من الصعوبات التي نواجهها الآن ومن المعاناة الناجمة عن النزاع، فإنه يجب علينا أن لا نغفل عن هذا الهدف. إننا ندين بذلك للأطفال الفلسطينيين الذين نقوم على خدمتهم. إن لهم نفس الحقوق التي للأطفال الإسرائيليين وللأطفال في أي مكان في العالم، ألا وهو الحق في مستقبل خال من الخوف، مستقبل ينعم بالسلام والأمن ويوفر لهم الكرامة. خلفية: إن الأونروا، والتي تعتبر منذ فترة طويلة طرفا فاعلا رئيسا في المنطقة وفي قطاع غزة، لعبت دورا حاسما خلال الهجمات وستواصل القيام بلعب دورها الهام في غزة وذلك عن طريق تقديم المساعدة الإنسانية العاجلة والمساعدة في توفير خدمات التعليم والرعاية الصحية الأساسية والقروض الصغيرة و مشاريع خلق فرص العمل. وبعد 60 عاما على تأسيسها، تواجه الأونروا الآن تحديا جديدا يتمثل في لعب دور مركزي في إعادة اعمار غزة. والسويد مستعدة لدعم الوكالة في هذا الجهد. والسويد لديها تجربة راسخة وطويلة في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ليس أقلها الدعم المالي والسياسي للأونروا وغيرها من الوكالات المتعددة الأطراف والمنظمات غير الحكومية. وباعتبارها ثالث أكبر دولة مانحة، فإن السويد ستواصل في تقديم مساهمات غير مخصصة لإعطاء الأونروا أكبر قدر ممكن من المرونة في استخدام الأموال.