أضافه crinadmin في
اتفاقية حقوق الطفل وأثرها على القوانين الوطنية في العالم العربي في بادئ الأمر كانت القوانين التي تخص شأن الطفل في العالم العربي من حيث تحديد سن الطفولة، والمسئولية والرعاية الأسرية أقرب إلى الشريعة الإسلامية ومنبثقة عنها، حتى بدأ طوفان التغيير في القوانين وذلك حتى تتوائم مع اتفاقية حقوق الطفل التي اصدرتها الامم المتحدة عام 1989 وكثر اللغط حول مدى إلزامية هذه الاتفاقية، حتى أن البعض قال أنه في ظل التحفظات لا تعتبر ملزمة. ولا شك أن اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الامم المتحدة لعام 1989 تعد من قبيـل "الاتفاقيـات الملزمـة العامة"، حيث إنها تتوجه بخطابها بصورة عامة ومجردة، أو بمعنى آخر فإنها ترسي قواعد سلوك عامة ومجردة، أي أنها قواعد قانونية بالمعنى الفني الدقيق[1]. وهي بذلك تعد من "المعاهدات الشارعة" Lois Traités ولعل وصفنا لاتفاقية حقوق الطفل أنها تدخل في عداد الاتفاقيات الشارعة يرجع للآتي[2] : أ- أنها تقوم بوضع قواعد عامة مجردة قابلة للتطبيق مستقبلاً على أية حال تندرج تحتها، ومن ثم فهي تشبه التشريعات. ب- ومن حيث الأطراف فيها: نجد أنها تتميز باشتراك معظم الدول الأعضاء فـي المجتمع الدولي فيها إن لم يكن كلها، ويتوجه الخطاب فيها إلى المجتمع الدولـي كلـه. واتفاقية حقوق الطفل تلزم اليوم 191 دولة من دول العالم. وهي بذلك تخضع حقـوق الطفل والحريات الواردة بها إلى ضمانة جماعية تباشر تحت رقابة دولية. وهي بذلك تعد من الاتفاقيات الدولية الجماعية.الملزمة للدول الموقعة عليها وواجبة التنفيذ وتعتبر بعد التوقيع عليها من الدول الاعضاء جزء من القوانيين المحلية . ج- وهي من حيث قوة الإلزام، آمرة على من تخاطبهم[3]. بل إن محكمة العدل الدولية قد أقرت بوجود عدة التزامات عالمية وفي هذا الشـأن فالالتزامات الخاصة بحقوق الإنسان، ومنها بالطبع حقوق الطفل، ليست التزامات تعاقدية، بـل هي التزامات يتم الاحتجاج بها في مواجهة الكافة erga Omnes. وقد يتذرع البعض في قوله بأن تلك البنود غير ملزمة بحجة أن صياغتها إنما أتت في إطار نصوص عامة تأخذ بها الدول الاعضاء بالامم المتحدة أو لا تأخذ. والرد على هذا الفريق بأن الاتفاقية ملزمة للدول من حيث المبدأ اما آلية التنفيذ فإنها تعتمد على ما تصدره الدول من تشريعات تخلق حقوقاً للأشخاص المخاطبين بأحكام قانونها الوطني. أما عن التطبيق الداخلي للمعاهدة في البلدان العربية "فهناك دساتير بعض الدول تعطي المعاهدة الدولية "قوة تعلو على القوانين التشريعية"الوطنية ، ومن ثم تأخذ هذه المعاهدة الأولوية في التطبيق داخل الدولة، وهذا يعني ضرورة تعديـل التشـريعات المخالفة لأحكامها، وعدم إصدار تشريعات لاحقة تتعارض معها، وامتـداد الرقابـة القضائيـة لتحقيق هذه الغاية[4].وهذا هو النظام الذي أخذت به تونس وموريتانيا. وهناك دول أخرى تعطي المعاهدة بعد اندماجها في القانون الداخلي "قوة القانون"، ويـرد ذلك صراحة في دساتير البحرين والجزائر والسودان وقطر والكويت ومصر واليمن. وهذا يعني أن المعاهدة يمكن أن تلغي أحكام قانون سابق يتعارض معها، ولكنها لا تمنع المشرع من اتخاذ إجراء لاحق يخالف أحكام المعاهدة، وفي هذه الحالة فلا يجوز للمتقاضين داخل الدولة الدفع بمخالفة التشريع الجديد لأحكام المعاهدة، وإن كانت الدولة عليها أن تتحمل تبعة المسئولية الدولية تجاه الدول الاخرى الأطراف في الاتفاقية إذا كان التشريع المخالف يمس مصالحها أو مصالح رعاياها[5]". الدستور المصري الصادر عام 1971 المادة (151): "رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها. على أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة، أو التي تتعلق بحقوق السيادة، أو التي تحمل خزانة الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة في الموازنة تجب موافقة مجلس الشعب عليها". ولما كانت اتفاقيات حقوق الإنسان ومنها بالطبع اتفاقيـة حقـوق الطفل تأخذ حكم المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة –إذ إن تنظيم حقوق المواطنيـن العامة والخاصـة وتعديل قوانينها مسألة تتعلق بحقوق سيادة كل دولة- لذلك فإن معاهدات حقوق الإنسان، والطفل لا يعدو –في نهاية المطاف- سوى إنسان، يجب أن يوافق عليها مجلس الشعب، حتى تصبح جزءاً من النظام القانوني للدولة[6]. التغييرات القانونية التي تمت في العالم العربي بشأن اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الامم المتحدة . تكشف مراجعة التقارير التي قدمتها الحكومات العربية إلى لجنة حقوق الطفل مجموعة من التغييرات والتي أثنت عليها اللجنة الدولية إلا أنها طالبت بالمزيد كما سنرى لاحقاً. فمن هذه التطورات : - في الجزائر وسوريا أدخلت اتفاقية حقوق الطفل في القانون الداخلي. - وفي العراق والكويت يجوز الاستشهاد باتفاقية حقوق الطفل لكل السلطات الوطنية. - وفي سوريا ينص القانون المدني وقانون الإجراءات الجنائية صراحة على عدم تطبيق الأحكام الوطنية إذا ما تعارضت مع اتفاقية حقوق الطفل . - وتونس ومصر اعتمدا قانون للأطفال (عامي 1995، 1996) على التوالي. - وليبيـا سنت قانون لحماية الطفل عام 1997. إلا أن لجنة حقوق الطفل الدولية التابعة للامم المتحدة رغم ما سبق نجد أنها استعرضت عددا من الملاحظات عدّتها أوجه قصور وطالبت بالمزيد من الإصلاح للقوانين حتى تتماشى بالكامل مع اتفاقية حقوق الطفل سواء ما يتعلق بالجانب المؤسسي، أو التشريعي. ففي الإطار المؤسسي: فإن المجالس القومية للطفولة دورها في العالم العربي استشاري بمعنى أنها لا تمتلك سلطة قانونية تسمح لها مساءلة المتسبب في الانتهاك. ونلحظ في هذا الصدد، أن مشروع القانون المصري المعروض حالياً على مجلس الشورى استجاب لهذا المطلب بالتحديد في اعطاء جملة من الصلاحيات للمجلس القومي للطفولة والأمومة كطلب التحقيق ومتابعة نتائج البلاغات بل وسلطة الضبطية القضائية بما يعد سلباً لبعض الاختصاصات القضائية وتوجيهها إلى جهة تُعد استشارية. وفي الإطار التشريعي أمرين: - سن الزواج حيث اعتبرته يحتاج إلى اصلاح قانوني بما في ذلك الفوارق بين الحد الأدنى لسن الذكور والإناث. - سن المسئولية الجنائية. نموذج لاستفسارات اللجنة الدولية لحقوق الطفل ومطالبتها في أحد التقارير الحكومية (نموذج البحرين). استفسارات اللجنة الدولية والتي تطالب فيها بالحاجة لمراجعة شاملة للقوانين المحلية وتنظيماتها الإدارية لضمان اتساقها مع اتفاقية حقوق الطفل.الدولية الصادرة عن الامم المتحدة. رد الدولة في البحرين: قامت السلطة التشريعية بالبحرين بمراجعة التشريعات، ومن التغييرات التي قامت بها البحرين في هذا الأمر، تناقش السلطة التشريعية حالياً الاقتراحات بقوانين، وإصدار قانون الطفل، ومشروع قانونين مقدمين من الحكومة بشأن حماية الطفل، وتعديل بعض أحكام قانون الأحداث. استفسارات اللجنة حول تعيين الحد الأدني لسن الزواج للذكور والإناث وتوحيده في مختلف القوانين، وتأكيد حيادية الجنس (المساواة بين الذكر والأنثى) في تلك القوانين.. ووجوب توضيح الحد الأدني لسن المسئولية الجنائية. رد البحرين: بشأن تعيين حد أدني لسن زواج الإناث، إلا أن المملكة تبذل الجهود لإلقاء الضوء على مخاطر الزواج المبكر للإناث من خلال سياسة إعلامية مرئية ومسموعة ومكتوبة، بالإضافة إلى جهود منظمات المجتمع المدني. أما بشأن الحد الأدني لسن المسئولية الجنائية، نصت المادة 32 من قانون العقوبات لسنة 2002 على: "لا مسئولية على من لم يجاوز الخامسة عشر من عمره حين ارتكاب الفعل المكون للجريمة، وتتبع بشأنه الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث". استفسارات اللجنة حول التحديات والقيود والاستجابات لأوضاع حقوق الإنسان على أرض الواقع. رد الدولة: تبحث السلطة التشريعية مشروع قانون برفع سن الحدث إلى 18 سنة، وقامت وزارة التنمية الاجتماعية، فيما قامت به، بافتتاح "دار الأمان" التي تعمل على إيواء رعاية النساء والأطفال من ضحايا العنف النفسي والجسدي والمجتمعي. وأعربت اللجنة في نهاية التقرير عن اهتماهها بالتاكيد علي وجود نوعا من التمييز في قانون الأحوال الشخصية الساري بالبحرين ضد المرأة والطفل المولود خارج إطار الزوجية، فيما يخص الميراث، والحضانة وحقوق الوصاية، وتدريب العاملين في الميادين القانونية، وخاصة القضاء، على مراعاة حساسية المساواة بين الجنسين، ووجوب حشد القيادات الدينية لدعم تلك الجهود والأهداف. خاطبت لجنة حقوق الطفل التابعة للامم المتحدة البحرين بشأن عدم تعيين سن دنيا للزواج، وأوصت البحرين بمراجعة وتعديل تشريعاتها على نحو يضمن حيادية بين الجنسين (الإناث والذكور) في تعيين الحد الأدني للأعمار، وبشكل صريح، ومطبق قانوناً، وخاصة في تحديد السن الدنيا للزواج. نموذج لتعديلات قانون الطفل في (الجزائر) القانون المعدل في 27 فبراير 2005 المادة 7: تكتمل أهلية الرجل والمرأة في الزواج بتمام 19 سنة. المادة 7 مكرر : يجب على طالبي الزواج أن يقدما وثيقة طبية لا يزيد تاريخها عن 3 اشهر تثبت خلوهما من أي مرض أو على عامل قد يشكل خطراً يتعارض مع الزواج ويتعين على الموثق أن يتأكد قبل تحرير عقد الزواج من خضوع الطرفين للفحوصات الطبية ومن علمهما ويؤشر ذلك في عقد الزواج. المادة 8 : يسمح بالزواج بأكثر من واحدة متى وجد المبرر الشرعي مع إخبار الزوجة والمرأة التي يرغب في الزواج بها، ووفقاً لطلب الترخيص بالزواج من رئيس المحكمة. المادة 37: لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر غير أنه يجوز للزوجين أن يتفقا بعقد رسمي لاحق حول الاموال المشتركة بينهما التي يكتسبانها خلال الحياة الزوجية وتحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما. المادة 40 : يثبت النسب بالزواج الصحيح، أو بالإكراه، أو التبعية، أو بالبينة، أو بنكاح الشبهة ويجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب. - كما قامت وزارة التضامن الوطني بوضع خط هاتف أخضر مجاني للطفل 1527. يوجد 3 مراكز إيواء للمراهقات الحوامل وأطفالهن مع ضمان المساعدة المادية والطبيعية من خلال الميزانية المخصصة لمديريات النشاط الاجتماعي. الخلاصة: أن طوفان تغيير قوانين الطفل في العالم العربي ليس نابعاً من احتياجاته المحلية، ونحن لا ننكر أن هناك مشاكل ومعاناة بشأن قضايا الطفل في عالمنا العربي لكن حلها بيدي لا بيد عمرو ، بمعنى تقديم الحلول التي تناسب الخصوصية الحضارية لهذه المنطقة، أو على الأقل لا تتصادم مع الشرع، لا استيراد حلول ثبت فشل الكثير منها في بيئتها الأصلية.وادت إلي تصدعات خطيرة في مؤسسة الاسرة خاصة في الغرب حيث اولاد السفاح والعنف ضد المرأة وارتفاع معدلات الطلاق بشكل غير مسبوق والتراجع الشديد في معدل المواليد وتزايد الانتحار وادمان المخدرات وانتشار الاسر التي تتكون من ( رجل ورجل) او (امراة وامراة) بما ينذر بعواقب وخيمة علي تماسك تلك المجتمعات التي اخذت بمنظومة القوانين الصادرة عن الامم المتحدة .