أضافه crinadmin في
سوريا: زواج الصغيرات.. جريمة مستمرة.. من ويقفها بعد قراءتي لخبر طلاق الطفلة نجود ذات الثماني سنوات في اليمن السعيد، وكيف كان زوجها يرغمها بالضرب في كل مرة على ممارسة الجنس معها، تذكرت عندما كنت جالساً في مكتب القاضي الشرعي العام الماضي، كيف دخل شاب في الخامسة والعشرين من عمره وبرفقته فتاة صغيرة السن إلى المكتب. وطلب الشاب من القاضي الموافقة على زواجه من الفتاة الصغيرة، وبعد أن اطلع القاضي على وثائق الزواج، أعاد الأوراق إلى الشاب طالباً منه أن يأتي بعد شهرين من الآن. فاستغرب الشاب وسأل: لماذا بعد شهرين؟ فأجابه القاضي بعد شهرين يصبح عمر الفتاة 31 سنة، عندئذ أمنحك الموافقة، شرط أن تحضر معك والد الفتاة أيضاً. فخرج الشاب حزيناً. فسألت القاضي باستغراب: هل ستصبح تلك الفتاة بعد شهرين زوجة؟ فقال القاضي بعد أن أعطاني قانون الأحوال الشخصية السورية: اقرأ المادة 81 التي تنص الفقرة الأولى منها: "1- إذا ادعى المراهق البلوغ بعد إكمال الخامسة عشرة أو المراهقة بعد إكمالها الثالثة عشرة وطلبا الزواج بإذن القاضي، إذا تبين له صدق دعواهما واحتمال جسميهما" بعد أن قرأت المادة المذكورة، قلت للقاضي، ولكن الفتاة التي كانت هنا منذ قليل يبدو من منظرها أنها مازالت طفلة.. فهل بعد شهرين سوف تكبر وتصبح قادرة على الزواج وتحمّل تبعاته الخطيرة؟ فتدخل أحد المحامين الموجودين قائلاً: خرجت من مكتب القاضي غير مصدق أن مثل تلك الفتاة الصغيرة ستستطيع التعامل مع الحمل ومع طفلها الذي ستلده، وهل ستكون قادرة على تربيته وتعليمه وتغذيته،وهي لا تستطيع التمييز بين ما هو خير وبين ما هو شر، وبين الصح والخطأ؟ وهي التي مازالت بحاجة إلى التربية! فإذا كان قانون الأحوال الشخصية قد اشترط أساساً في أهلية الزواج العقل والبلوغ (المادة 15)، وحدد في المادة 16منه أهلية الزواج للفتى بتمام الثامنة عشرة، وللفتاة بتمام السابعة عشرة من العمر، فما الداعي لإجازة الزواج للفتى في الخامسة عشرة وللفتاة في الثالثة عشرة من عمريهما في المادة 81 المذكورة أعلاه.؟ لذلك و انطلاقاً مما تقدم، فقد حان الوقت لوضع حد لهذه الجريمة المستمرة بحق أطفالنا، ونتائجها المدمرة على مجتمعنا من خلال تدخل تشريعي تُسَنّ بموجبه قوانين جديدة تحظر الزواج قبل بلوغ الفتاة والفتى سن البلوغ المحدد بثماني عشرة سنة. وفي نفس الوقت تشديد العقوبات على المخالفين. كل ذلك من أجل إنقاذ الطفولة البريئة، ومن أجل خلق جيل متعلم وسليم ونظيف خال من الأمراض، قادر على بناء مجتمع سليم ومعافى وقيادته نحو التطور والتقدم إلى أمام.
"هل نحن نفهم أكثر من المشرع؟ أو نفهم أكثر من الرسول الذي تزوج عائشة وقد كانت صغيرة؟"
عندئذ قلت له: "ولكن الشريعة الإسلامية لم يرد فيها أي تحديد لسن الزواج، بل إن من حدد ذلك وأجاز زواج الصغيرات قبل سن البلوغ ليس الرسول، بل هم أولئك الفقهاء المتقدمون. أما زواج الرسول الكريم بعائشة فهو اختص به الرسول ولا يجوز القياس عليه، ولم نسمع أنه طلب القياس عليه"
. فرد عليّ المحامي بعصبية: "يا أستاذ المشرع والقانون سمحا لنا بفعل ذلك، وأنت حر في أن تزوج ابنتك الصغيرة أم لا." فقلت له: بالتأكيد لن أفعل ذلك.
هل أدرك واضعو تلك المادة المخاطر الكبيرة التي تنتج عن الزواج المبكر قبل سن البلوغ ، وبخاصة زواج الصغيرات؟ فالحمل قبل سن العشرين هو حمل عالي الخطورة، لأن تكوين الفتاة الجسدي لا يكتمل قبل هذا العمر, ناهيك بالنمو العاطفي والانفعالي الذي لا يساعدها على تحمل مسؤوليات الزواج والأسرة، فقد لا تتم حملها بمدته الكاملة لأن جسمها لم يكتمل نموه بعد، وقد تتعرض للإجهاض المتكرر. وتصاب بفقر الدم، خاصة خلال فترة الحمل. وقد تزداد نسبة الوفيات بين الأمهات الصغيرات أي ما بين 31 و 91 عاماً عن الأمهات اللواتي تزيد أعمارهن عن العشرين عاماً بسبب الحمل. كما تزداد وفيات أطفال الأمهات الصغيرات بنسبة أكبر من الأمهات الأكبر سناً، وذلك لقلة الوعي والمعرفة بالتربية وأمور التغذية. هذا عدا المخاطر النفسية والاجتماعية التي تتعرض لها الفتاة التي تتزوج قبل سن البلوغ. فالفتاة في مرحلة المراهقة لا تستطيع أن تبدي رأيها في أمور حياتها الزوجية بثقة وارتياح، خاصة بعد حرمانها من التعليم ومن تعلم مهارات الحياة بشكلٍ عام، سواء في مجال العناية بالأسرة، والزوج والأطفال، أو بالتعامل مع محيطها الاجتماعي والزج بها في أتون الزواج المبكر وهي مازالت غارقة في أحلام الطفولة، مما يجعلها فريسة سهلة لتدخل الغير من الأهل والأقارب في حياتها الشخصية الخاصة.