أضافه crinadmin في
Summary: This article was written by Florence Martin, Save the Children, and is part of the CRIN Newsletter 19 on Children and Violence. من أجل نظام قضائي عادل للأطفال لم تنجح حكومة في عمل هذا بشكل صحيح- "حقوق؟ ربما نحن ليس لنا ما تقولون عنه حقوق لأننا مازلنا صغارا.." تندر القضايا التي تثير شهية الإعلام واهتمام الرأى العام، حتى تشرف تلك الضجة أن تصل إلى ما يشبه الهستيريا، كما تفعل الحالات التي يكون فيها أطفال خارجون عن القواعد الاجتماعية والقانونية التي وضعناها لهم. إن التغطية الإعلامية اليومية عن الأطفال المستوحشين أو إنفلات عصابات الشباب، أوأصغر مجرم في العالم أو موجات الجرائم التي يرتكبها الأطفال ذوى السلوك المعادي للمجتمع، كل هذا لا يعد مجرد عناوين أخبار في المملكة المتحدة والولايات المتحدة فحسب، بل هى حالة ممتدة في العالم كله تمثل شغل شاغل أو تشوه اجتماعي ما. فعندما يرتكب الأطفال جرائم يبدو الأمر كما لو أن ثمة شئ لا يسير على نحو صحيح في مجتمعاتنا. ومن أحد الأسباب أننا بطبيعتنا نميل إلى ربط مرحلة الطفولة بالبراءة والنقاء وعدم القدرة على تحمل المسئولية، ولذا فعندما يجنح الأطفال عن تلك التوقعات، نجد مجتمعاتنا وقد اتخذت رد فعل شبه انتقامي، وكأننا صُدمنا في أن الطفولة التي خلقناها- أو التي أرادنا أن نؤمن بها- لا توجد. ويبدأ السعار الإعلامي ويبدأ الانتهازييين السياسييين في استغلال الأمر، مسارعين في إطلاق الأحكام العامة التي تنطبق على جميع الأطفال، فتسمع حينها جملا مثل: تشيطن الأطفال ولم يعودوا كما كانوا، وإنهم قادرون الآن على الإتيان بأسوأ الأفعال. وسرعان ما تقتنع المجتمعات الصغيرة والكبيرة أنهم في مواجهة موجة عاتية جديدة من عنف الأحداث الجانحين. ووسط كل تلك الهستيرية الممنهجة عن جرائم الصغار، ترقد حقائق لا تحظى بالكشف الكافي: والواقع أنه بينما الأطفال هم أكثر الأشخاص الذين تقنن أفعالهم بصورة بالغة ويكونون أغلب الوقت تحت المراقبة والعناية، الواقعة تحت المراقبة الشديدة، فهم يرتكبون نسبة ضئيلة جدا من مجمل الجرائم الذي يغلب عليه جرائم ثانوية للغاية: جرائم سرقة. ويتفاوت الفارق بين نسبة ارتكاب الأطفال للجرائم التي تتعلق بالبقاء إلى تلك الجرائم التي تتعلق بالخروج عن الحدود الاجتماعية فيما بين أطفال الدول أو المناطق التي تعاني من الفقر المزمن، وأولئك الذين أغلب ما يعانون منه يتعلق بقضايا عدم المساواة والتهميش. ورغم هذا تبقى أوجه الشبه مدهشة في نماذج الجرائم التي يرتكبها الأطفال في جميع أنحاء العالم. والأرجح أن أحتمال وقوع الأطفال ضحايا للعنف أكبر كثيرا من احتمال ارتكابهم له، حيث لابد أن الأطفال يخافون من الكبار -المفترض بهم حمايتهم- أكثر كثيرا مما نخاف نحن الكبار من الأطفال. تفشل أغلب نظم قضاء الأحداث في مواجهة الأسباب الجذرية التي تؤدي بالأطفال إلى ارتكاب جريمة، بالإضافة إلى إنها تضيف إلى التحديات التي تواجه الأطفال تحديا آخر، وذلك بوضعهم في مناخات غير ملائمة، غالبا ما تنطوي على عنف. وتلقي تقارير عديدة - صدرت من معظم دول العالم تقريبا- الضوء على العنف الذي يواجهه الأطفال حين يصيرون أطفال في صراع مع القانون. وبينما يتراوح معدل تلك الاعتداءت بين مجرد حوادث فردية، إلى ما هو عنف منظم ومنهجي، فما من شك في أن الطفل فور أن يكون في صراع مع القانون فإن احتمال تعرضه للعنف يكون أعلى كثيرا. إن طبيعة النظام القضائي نفسه تمنح بعض الأفراد سلطات ممتدة على حياة أفراد آخرين بموجب حماية المجتمع. حيث يقوم على الإجبار والتحكم والاحتجاز، والمعاملة الجزائية، وتجميع أفراد غالبا ما يحملون خبرات عنيفة أو مثيرة للمشاكل تحت سقف واحد، فضلا عن الانعزال بعيدا عن الشبكة التي تمد بالدعم المكونة من العائلة والأقرباء، يخلق كل هذا مناخا- في حال إذا لم يكن مراقبا ومحكوما جيدا- من شأنه أن يؤدي إلى انتهاكات واعتداءات فادحة لحقوق الإنسان، ليس فقط على يد موظفي الدولة ولكن أيضا على يد المسجونين الآخرين. وعلى عكس الرأي الشائع أيضا، فالعنف كمشكلة في النظام القضائي لا يوجد فقط في الدول النامية محدودة الدخل أو تلك التي تعاني من عدم محاسبية القائمين على النظام القضائي. إن العنف سمة متكررة في كافة النظم العقوبية، بغض النظر عن جودة مصدرها، كما تقر بذلك اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان ببرلمان المملكة المتحدة: "تشهد مؤسسات الأحداث أعلى مستويات الضرب والاعتداء بين السجناء والعاملين وغيرهم عن كل سجون انجلترا وويلز... وأسوأهم على الإطلاق هى مؤسسة آشفيلد" ويذكر أن نسبة العنف في تلك المؤسسة تصل إلى 74%. " سجلت 3.615 حالة ما بين التحكم، والتقييد ، واستخدام القوي البدنية من قبل العاملين لتسبيب آلام بدنية للأطفال داخل السجن، وذلك في الفترة من أبريل 2000 وحتى يناير 2002، مما نتج عنه 296 حالة إصابة، تطلب الأمر مع خمسة منهم نقلهم إلى المستشفي للحصول على الرعاية الطبية من كسور أو اشتباه في كسور" قامت هيئة إنقاذ الطفولة بعقد سلسة مشاورات مع الأطفال الذين في صراع مع القانون في عدد من دول العالم، من أحد النتائج المثيرة للقلق التي خلصت إليها تلك المشاورات أن معظم هؤلاء الأطفال قد عانوا على الأقل شكلا واحدا من أشكال العنف على أيدي الشرطة، وقليلين منهم حددوا (القائمين على تطبيق القانون) عندما سُئلوا عن الجهة التي يمكن أن يلجأوا إليها طلبا للمساعدة. حيث يود الكثير من الأطفال أن يعتبرون هؤلاء الموظفين مصدرا للعطف والتفهم، ولكن من خلال خبراتهم الخاصة معهم رأوهم يتحرشون بالأطفال وأحيانا ما يتسببون لهم في أضرار حقيقية. ولعقود طويلة ظل القانون الدولي يؤكد على حقيقة أن النظام القضائي الرسمي ليس هو المجال المناسب لتناول التحديات التي يواجهها أغلب الأطفال الذين يضحون في صراع معه. وتؤكد المادتين 37 و40 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وكذلك المعايير الدولية لإدارة نظم قضاء الأحداث، أن ينبغي على الدول وضع نظام قضائي يرتكز ويختص فقط بالطفل، وأن يكون هدفه الأولي والأهم هو أعادة دمج الطفل في المجتمع، وأن يضمن كذلك أحترام حقوقه. وإدراكا للطبيعة الخاصة لجرائم الصغار وللهدف العام المتمثل في تعزيز دمج الطفل في المجتمع وإعانته على القيام بدور إيجابي فيه، يؤكد القانون الدولي على الحاجة إلى إقصاء الأطفال بعيدا عن الإجراءات القضائية بقدر الإمكان، وضمان حصوله بسرعة على المساعدات القانونية وغيرها من المسعدة المناسبة. وفي الحقيقة يتعين أن يتعامل النظام القضائي الرسمي فقط مع الأقلية الصغرى من الأطفال الذين ارتكبوا جرائم خطيرة حقا ويشكلون بالفعل تهديدا على مجتمعهم، وينبغى دوما ألا يستخدم إجراء إحتجاز الطفل إلا كملاذ أخير. إن تجريم الأطفال، الذين يرتكبون سلوكيات غير ملائمة اجتماعيا أو تشكل ضررا على المجتمع، لهو أمر يزداد ويتشعب، بينما الأفضل أن يُقلل ويُثبط، والواقع أنه مع الاعتماد المتزايد على أجهزة العدالة الجنائية في التعامل مع مثل تلك السلوكيات من خلال تطبيق أنظمة السلوك اللا -اجتماعي Anti Social Behavior Orders (ASBOs) ، حظر التجول، وتطويق الأطفال ولمَهم، وفرض شروط قانونية من شأنها تجريم وجود الطفل خارج المدرسة أو بعيدا عن المراقبة الأبوية. يظل إنحراف الأطفال عن النظام القويم يعد ثاني أفضل شئ، وليس رد الفعل الأول للأطفال الذين يصيرون في صراع مع القانون. ويظل هذا البديل في مرحلة التجريب حتى تتوفر المصادر أو الإرادة السياسية، بينما تظل المصادر المالية موجهة بشكل أساسي إلى تمويل المزيد من الحلول العقوبية. ما زالت النظرة إلى "نظام قضائي مختص بالطفل ومرتكز عليه" قاصرة على كون هذا النظام مشكل من مجموعة من العاملين المدربين على معاملة الأطفال بلطف. ومن شأن "النظام القضائي صديق الطفل" الفعال أن يضحى إنجاز يمكن القياس عليه فيما يتعلق بتطبيق العدالة للأطفال، ولا سيما عندما نولي اعتبارنا لمستويات العنف والإيذاء التي يعاني منها الأطفال في إطار النظم الموجودة حاليا، ربما استمر في الفشل في مواجهة الأسباب الجذرية للجريمة، وربما استمر في وصم الأطفال بالعار الاجتماعي وفي انتاج المجرمين، وربما استمر أيضا في الافتقار إلى سبل المتابعة والدعم في المجتمع الذي يتطلبه الطفل ن أجل أن يبتعد عن الجريمة ويضحى مواطن مشارك وإيجابي. تُعد دراسة الأمم المتحدة حول العنف ضد الطفل - التي يقوم عليها الأمين العامة للأمم المتحدة بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة- فرصة ذهبية لندير الظهور للأكاذيب والتعرف على الحقائق فيما يخص العنف في حياة الأطفال الذين في صراع مع القانون. وليس كافيا أن تخاطب الدراسة مسألة العنف الموجه ضد الأطفال الذين يتعاملون مع القائمين على تطبيق القانون أو حين يعاملون بموجب نظام عقوبات فحسب، وإنما، والأكثر منه أهمية، لابد من أن تستكشف الدور الذي يلعبه العنف في في المقام الأول للوصول بأولئك الأطفال إلى حيث يكونون في صراع مع القانون. وكل من يتعامل مع الأطفال الذين في صراع مع القانون أو يتحدث معهم يعلبم جيدا أن ممارسة العنف في المنزل بالتحديد دائما ما يأتي إما كأحد الأسباب الأساسية وراء ترك الأطفال لمنازلهم في المقام الأول، أوكعامل أساسي في تفكك الأسرة، أو تكون المانع الأساسي أمام عودة الأطفال إلى المنزل. إن أغلب الأطفال الذين في نزاع مع القانون- سواء كانوا أطفالا مجرمين من أجل البقاء، أوممن أرتكبوا جرائم صغيرة أو مجرمين خطرين- هم أطفال يواجهون عقبات في علاقاتاهم بعائلاتهم ومجتمعاتهم الصغيرة، والمجتمع ككل، فتتأثر حياتهم واختياراتهم والفرص المتاحة لهم بشكل بالغ بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يعيشونه. وهذا يتضمن المجتمعات التي يزداد تشوشها من خلال الهجرة إلى الحضر، والفقر المزمن، والعنف الاجتماعي والعنف الموجه للأفراد، والضغوط المالية والمادية المتزايدة. فهؤلاء الأطفال ليسوا منفصلين عن السياق أو البيئة التي يعيشون فيها وينمون ويتطورون فيها ربما بشكل أكثر من الكبار المفترض بهم رعاية الأطفال وحمايتهم وإرشادهم. وبالنسبة لأغلب هؤلاء الأطفال فإن الوقوف في موقف الصراع مع القانون هو في العادة مجرد النتيجة المتأخرة لتلك السلسلة من الإخفاقات في الرعاية والحماية التي يواجهونها. ويحاول الطفل أن يدرأ الضرر عن نفسه أو نفسها، -وغالبا ما يكون مسئولا أيضا عن أطفال آخرين-، وذلك من خلال العيش أو العمل في الشارع، أو في بيئة أخرى غير ملائمة وغير مستقرة. يتحد الحرمان من موقف اجتماعي مستقر ووضع اجتماعي آمن، مع تجريم معظم الاختيارات الحياتية المتاحة حينئذ، ومعظم السلوكيات اللازمة لاستمرار البقاء، ليأخذ ما هو بالفعل أزمة شخصية ويجعلها صراعا كامنا مع القانون. وفي نفس الوقت من الأهمية بمكان أن تبتعد الدراسة عن الآراء السطحية التي تفضل أن تنظر إلى الأطفال إما كونهم ضحايا أو مرتكبين. حيث يجب أن تستكشف الدراسة تأثير الآراء المتناقضة التي غالبا ما تسعى إلى تبرير المزيد من القيود والتحكم المفروض على استخدام الأطفال للأماكن العامة وبيئتهم الاجتماعية، بينما يؤكدون في ذات الوقت على مسئوليتهم الاجتماعية. بتقييدنا هذا لحرية الأطفال الاجتماعية ومشاركتهم في المجتمع من حولهم ومشاركتهم في حياتهم، وبإنكار قدرتهم على الاختيار وعدم دعمهم لتقويتها، فنحن بالفعل نُضعف من قدرتهم على مواجهة المواقف والمشاكل التي يمكن أن يواجهوها ويختارون فيها الأفضل لهم. حيث نقلل من رغبتهم في السعي إلى حلول، بما في ذلك حلولا للعنف والإيذاء سواء كانوا هم مرتكبيها أو ضحاياها. فنحن نعزلهم عن مجتمعاتهم، ونطالبهم بأن يشعروا وكأنهم جزء من هذا المجتمع وأن يخضعوا لقواعده. نمحى فرصتهم في أن يتحملوا المسئولية، ونسرع في تحميلهم المسئولية عندما يفعلون ما نراه نحن أختيارا خاطئا مثل الخروج على القانون أو التصرف على نحو غير ملاءم. [1] مارتن. ف و باري ويليامز. جي
تعج أنظمة قضاء الأحداث في جميع أنحاء العالم بالكثير من المتناقضات واللا-مساواة.
فلورانس مارتن تبحث في الأسباب الجذرية وما يمكن فعله حيال وضع مأساوي للغاية.
طفل محتجز في سجن مدينة تاجوم في دافاو- الفلبين.
· إن الأغلب الأعم من الأطفال الذين في صراع مع القانون- ما يزيد عن 90 % منهم- ارتكبوا جرائم صغيرة، جرائم سرقة بشكل رئيسي، وبمعنى آخر لا تنطوى جرائمهم على عنف ولا تعد جرائم خطيرة.
· أن أربعة من كل خمسة أطفال في صراع مع القانون، قد ارتكبوا جرما واحدا فقط في حياتهم، وهذه النسبة تنطبق ليس فقط على "الفلبين، ولاوس، وكينيا وأثيوبيا" ، بل أيضا على الدول الصناعية الكبرى، وحتى الدول التي تعاني من معدلات عنف اجتماعي مرتفعة.
· أغلب الأطفال الذين ينتهى بهم الأمر في صراع مع النظام القضائي الجنائي هم من الفئات المهمشة والأكثر حرمانا، وأحيانا من الأقليات التي تعاني من التمييز.
· أن أغلب الأطفال الذين في صراع مع القانون في بعض الدول مثل (بنجلاديش، وكينيا، والفلبين، وطاجيكستان) هم أطفال أرتكبوا جرائم من أجل البقاء.
ومع هذا، نظل نتعامل مع الأغلبية الساحقة من الأطفال وكأنهم جميعهم مرتكبو جرائم خطيرة وعنيفة، فنصورهم أيضا هكذا، ونتعامل معهم من خلال نظام قضائي وضع خصيصا للتعامل مع من يمثلون حقا خطرا حقيقيا على المجتمع والسلامة العامة. ولنزيد الأمر سوءً لا نعى أنه عندما نتعامل مع جرائمهم بتلك الطريقة، فإننا بذلك نعرضهم لمواقف ومناخات تنطوي بالتأكيد على عنف، فنأخذهم بعيدا عن مناخهم الاجتماعي والعائلي الذي من المفترض أن يسهم في دمجهم الاجتماعي.
وعلى الرغم من هذا، ثبت الواقع أن سجن الأطفال، بما في ذلك احتجازهم فترة ما قبل المحكمة (على ذمة التحقيق أو ذمة القضية) يظل هو الإجراء المتبع عادةً، وليس الإستثناء. والأكثر من ذلك أن هذا الحال يستمر على الرغم من العلم بإمكانية تعرض الطفل في إطار تلك النظم لمستويات هائلة من العنف. وعلى الرغم أيضا من الأدلة التي تقطع بفشل تلك الأنظمة ليس فقط فيما يخص الأطفال كأفراد، بل أيضا فيما يخص الخدمة التي تؤديها للمجتمع، حيث أن معدلات ارتكاس الأطفال (عودتهم إلى الجريمة) بعد السجن يتضح إنها أعلى بكثير. وتقول التقديرات أن هناك أكثر من مليون طفل محتجز في جميع أنحاء العالم، إلا إن هذا الرقم ليس سوي تقديرا عاما، ومما لا شك فيه أن هناك المزيد من الأطفال الذين يعانون من شكل أو آخر من أشكال الاحتجاز، بما يشمل الإصلاحيات، ومؤسسات التأهيل، وغيرها من المؤسسات التي تدعى مراكز الرفاه.
وتعد الدراسة أيضا فرصة سانحة لتقييم فاعلية سبلنا في المواجهة، وتحديد ما إذا كانت الاستجابات القضائية غير الملائمة يمكن حقا أن تؤدي بالأطفال إلى المزيد من السلوكيات الخطرة، وغالبا ما تضاف إليها التحديات التي يتعين عليهم مواجهتها، وتدفعهم إلى تنفيذ استراتيجيات من شأنها بالتأكيد أن تزيد من تعرضهم للعنف، وتزيد من احتمالية احتراف الإجرام على المدى الطويل.
أما بالنسبة للتفكك الأسري ونقص الحماية، فهو أحد العوامل الأكثر شيوعا التي تؤدي إلى وجود الأطفال في صراع مع القانون، سواء كان هذا بسبب استخدام العنف في نطاق الأسرة، أو بسبب وفاة أحد الأبوين، أو الطلاق، أو الانفصال بسبب حالة طوارئ، أو الهجرة بسبب الفقر. ويأتي أثر هذا في كونه يعرض الطفل إلى احتمال أكبر لخطري التعرض للعنف، أو أن يصير في صراع مع القانون، وهذان موقفان مرتبطان على نحو أكيد.
ومن المثير للدهشة أن سلوكيات الأطفال الاجتماعية والعدائية دائما ما تكون مراقبة ومشروطة بشكل بالغ، بينما وفي نفس الوقت بالكاد يتم الاعتراف بهم كفاعلين اجتماعيين خارج نطاق الأسرة أو بيئة المدرسة. حاجتهم إلى المشاركة في التحكم في حياتهم وفي القرارات التي يتخذها الآخرون لهم ونيابة عنهم، والتحكم في بيئتهم تعني في جانب منها أن الأطفال يعاملون كأشخاص غير مسئولين أوغير قادرين أى "أنصاف كبار" أو "من هم ليسوا كبار". ومع هذا تتم مراقبتهم عن كثب في كل حركة يقومون بها، وكل موقع يذهبون إليه وكل سلوك يأتون به، وتضع لهم مجتمعاتهم قواعد تريدهم أن يخضعون لها وأن يتصرفون وكأنهم أشخاص مسئولين.
والواقع أن الأطفال بالفعل يقومون باختيارات، وغالبا ما يكون هذا في ظروف حيثما يكون الاختيار الوحيد المتوفر لهم هو البرد القارس وأحيانا الخطر. إن إدراك دور الأطفال كفاعلين في المجتمع عندما يكونون في صراع مع القانون يجب عكسه بإدراك دورهم ومسئوليتهم كأعضاء في مجتمعاتهم. بدلا من الاعتماد على توجهات نظم العدالة الجنائية التي تضيق من البدائل المطروحة أمامهم، إننا في حاجة إلى إشراك الأطفال في السعى نحو الحلول الخاصة بهم وتقرير حدود سلوكهم الخاص تجاه الآخرين. وهذا هو بإيجاز ما يعنيه الدمج في المجتمع، وهذا بالتأكيد ما أكدت عليه اتفاقية حقوق الطفل عندما نصت أنه يجب معاملة الأطفال الذين في صراع مع القانون على نحو "يعزز احترام الطفل لما للآخرين من حقوق الإنسان والحريات الأساسية "واستصواب تشجيع إعادة إندماج الطفل وقيامه بدور بناء
في المجتمع"
وتبقى هذه هى الرؤية الأبعد وهذا هو التحدى الأصعب أمامنا جميعا، ليس الأمر فقط في أن نجعل النظام القضائي للأطفال آمنا ، وإنما ينبغي أيضا أن يكون عادلا.
الحق في ألا نفقد الأمل: الأطفال في صراع مع القانون، تحليل سياسات ونماذج ممارسات جيدة،
هيئة إنقاذ الطفولة
فلورنس مارتن
خبير حماية الطفل في هيئة إنقاذ الطفولة بأندونيسيا
بريد إلكتروني: [email protected]