EGYPT: To understand Rape, think 'what if she was your own daughter?' (Arabic)


اغتصاب الفتيات انتهاك لا يختلف من مكان لأخر ولا من ضحية لأخرى

ماذا لو؟

بقلم: د. درية شرف الدين


تطرأ علي ذهني أحداث هذا الفيلم كلما صدمتنا من جديد وقائع جريمة اغتصاب في الشارع المصري لفتاة أو سيدة، دفعها سوء الحظ وسواد المصير إلي انتهاك جسدي وتعذيب نفسي لا يليق بالحيوان، فما بالنا بالإنسان.

وعلي الرغم من أن ما يدور في الواقع قد فاق كثيراً في السنوات الأخيرة ما يدور في الأفلام إلا أن مهمة الفن، وخاصة الفن الجماهيري، ومنه السينما، هو عملية التنوير ولفت الانتباه والكشف عن أعماق الشخصية الإنسانية، وما يمكن أن يندفع إليه الإنسان تحت وطأة الظروف والملابسات، خاصة إذا كانت نوعاً من القهر والظلم وعدم الإنصاف، ومن تأجيل العدالة أيضاً، ولا يختلف هنا مجتمع عن آخر أو إنسان عن الثاني، فالعالم صغير مهما بلغ اتساعه والنفس الإنسانية واحدة مهما تباعد البشر.

تشير وقائع الفيلم الأمريكي إلي فتاة فقيرة سوداء خرجت من بيتها لتشتري بعض الاحتياجات لأسرتها وهي تسكن منطقة ريفية هادئة فاعترضها شابان بسيارتهما، كانا في حالة سكر واضح، واختطفاها وتناوبا اغتصابها ولم تشفع صرخاتها وتوسلاتها لديهما من الإفلات منهما، وعندما وصلت الفتاة إلي حالة الإغماء جراء الألم والرعب حملاها إلي جسر قريب وقاما بإلقائها من فوقه تخلصاً منها، وألقيا فوقها ببقايا زجاجات الخمر الفارغة وبقايا الطعام ودخلا في نوبة ضحك، سقطت الفتاة بجوار الماء ولم تمت، وعثر عليها آخرون حملوها إلي منزلها في حالة من الإعياء الكامل، ومن المنزل إلي المستشفي، حيث أجريت لها عدة عمليات جراحية كان من بينها إزالة الرحم وحرمانها من الإنجاب إلي الأبد.

ويعرض الفيلم أحداث انهيار أسرة الفتاة «الأب، الأم، والإخوة»، ومدي الألم والعذاب الذي ألم بهم جراء ما شهدته وتشهده هذه الابنة والأخت الصغري، إلي الحد الذي دفع الأب عند حضور رجال الشرطة لإطلاق رصاص مسدسه علي أحد المتهمين فأصاب قدم رجل شرطة اضطر إلي بترها بعد ذلك لشدة الإصابة، وتوجه الأب إلي محام شاب في البلدة يستعطفه للدفاع عن قضية ابنته لكنه لا يملك التكاليف، نظراً لفقره، فرفض المحامي خاصة أنه يعلم بتوجه المحلفين في المحكمة، ومعظمهم ضد الأمريكيين السود.

عاد المحامي إلي منزله مساء وقصَّ الأمر علي زوجته فأخذته من يده وفتحت باب حجرة ابنتهما الصغيرة ونظرت في عينيه تستنطقه إجابة عن سؤال: ماذا لو كانت ابنتك؟ ماذا لو كانت ابنتنا؟ جلس المحامي علي طرف سرير الابنة النائمة يفكر ويراقب براءتها وهدوء ملامحها، استيقظت الابنة فجأة ووجدت والدها أمامها، هللت وقامت لترتمي علي صدره وتقبله، نظر إليها الأب بحنان جارف

وأجاب في ذهنه عن السؤال: كنت سأقتله بالتأكيد، وقبل القضية التي لجأ لإقناع المحلفين بشأنها برواية وقائع ما حدث للفتاة الصغيرة المغتصبة بالتفصيل، وبكل ما يثير الألم والحنق وما وصلت إليه الآن كحطام بشري لا يبدو له مستقبل، وشاهد دموع الجميع الذين فوجئوا أيضاً بتنازل الشرطي الذي فقد قدمه عن خصومته مع الأب وشهد لصالحه، وأثناء المحاكمة وما بعدها تردد السؤال في البلدة قوياً: ماذا لو كانت ابنتك؟ ولم تختلف الإجابة: إما أن تقتله السلطة المسؤولة أو أقتله بيدي.

 

ومنذ أيام فقط وعندنا تم نشر وقائع جديدة لاغتصاب فتاة في السادسة عشرة من عمرها تسير ظهراً وليس ليلاً في طريق بمنطقة النهضة، عائدة إلي منزلها، خرج عليها شاب أشهر مطواة في وجهها ووضع نصلها في جانبها وهددها بالقتل إن لم تصعد معه إلي شقته وصعدت مذعورة، توسلت إليه وبكت وصرخت وقبلت قدميه كي يتركها لكنه اغتصبها ثم أجري هذا النذل اتصالاً بثلاثة من أصدقائه ودعاهم إلي الحضور لمواصلة الاعتداء عليها، ثم ألقوا بها في الشارع تعاني من الانهيار والإعياء والذهول والرعب.

فتاة صغيرة لا حول لها ولا قوة ولا ذنب ولا مستقبل مع مجتمع لا يرحم ويستسهل إلقاء اللوم علي الأنثي دائماً دون الرجل، مهما كانت وقائع الاغتصاب، علي اعتبار أن الرجل دائماً ملاك من السماء لا يخطئ ولا يتحرش ولا يناوش ولا يخطف ولا يغتصب إلا إذا دفعته سيدة أو فتاة أو حتي طفلة صغيرة إلي الرذيلة. ونحن الآن مع هذه القضية في مواجهة أب مقهور، أم محطمة، ووقائع تعذيب وإهانة وقتل معنوي وعدالة بطيئة وسؤال يتردد مع كل واقعة اغتصاب جديدة وإجابة لا أظنها تختلف بين مصر وأمريكا.

 [email protected]

 

معلومات أخرى

من اغتصاب في الطفولة إلى حلم بإنسانية حقيقية [حوار مع عاملة جنس سورية]

الاستغلال الجنسي للأطفال [دراسة]

ما من أحد يلجأون إليه: التكتم على حالات اغتصاب الأطفال التي يرتكبها عمال الإغاثة وقوات حفظ السلام [تقرير]

Owner: Dr. Dorria Sharaf Eldinpdf: http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=108645

Organisation: 

الدول

Please note that these reports are hosted by CRIN as a resource for Child Rights campaigners, researchers and other interested parties. Unless otherwise stated, they are not the work of CRIN and their inclusion in our database does not necessarily signify endorsement or agreement with their content by CRIN.