أضافه crinadmin في
(بيروت) – مجلس الوزراء السعودية قد أحرز إنجازاً غير مسبوق في 26 أغسطس/آب 2013 بتمريره مشروع قانون يجرم العنف الأسري. غير أن القانون لا يعرض تفصيلاً آليات إنفاذ محددة لضمان التحقيقات السريعة في مزاعم الإساءات أو لمقاضاة من يرتكبون هذه الإساءات. قالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية التنسيق مع وزارتيّ العدل والداخلية وغيرها من الوزارات المعنية في عملية صياغة اللائحة التنفيذية للقانون، مع توضيح المسؤوليات المترتبة على الأجهزة الحكومية المختلفة في تنفيذ وإنفاذ القانون. يمنح القانون الجديد جهة حكومية "مختصة" غير محددة سلطة التحقيق في مزاعم الإيذاء واتخاذ خطوات لضمان سلامة ضحايا الإيذاء، ويصرّح للجهة بإحالة القضايا إلى القضاء الجنائي للتوقيف والملاحقة القضائية والإدانة للجناة وإبعاد من يعيلهم ولي الأمر الذين تعرضوا للإيذاء على يده عن نطاق رعايته. وقال جو ستورك، القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقي في هيومن رايتس ووتش: "أخيراً حظرت المملكة العربية السعودية العنف الأسري، لكن لم تقل بعد ما هي الأجهزة التي ستنفذ القانون الجديد. دون وجود آليات فعالة للمعاقبة على العنف الأسري، سوف يبقى القانون مجرد حبر على ورق". قبيل تبني نظام [قانون] الحماية من الإيذاء لم تكن لدى سلطات القضاء الجنائي السعودية أدلة إرشادية قانونية مكتوبة عن معاملة الأذى الأسري كسلوك إجرامي. في غياب قانون العقوبات يعتمد القضاة بشكل حصري على تفسيراتهم الشخصية للشريعة – وهي غير مقننة – في تحديد ما إذا كانت أعمال بعينها تعد جنائية أم لا. يعرف نص [2] القانون الجديد – الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش – الإيذاء في نطاق الأسرة بأنه "كل شكل من أشكال الاستغلال ، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، بما له عليه من ولاية أو سلطة أو مسؤولية، أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية". كما يصنف النظام [القانون] الإهمال بصفته من أوجه الإيذاء. بموجب القانون، فإن جهات حكومية غير محددة لها سلطة التدخل في حالات وقوع الإيذاء الأسري، بما في ذلك لضمان تلقي الضحايا الرعاية والخدمات الصحية الملائمة، واتخاذ خطوات لمنع تكرر الإيذاء، وتوفير خدمات مشورة اجتماعية وأسرية، والاستدعاء، وإلزام الأطراف التي ارتكبت الإيذاء بتوقيع إقرارات، وإجبار المخالفين على الخضوع لعلاج نفساني وبرامج إعادة تأهيل. في حالات "إذا ظهر لها (الجهة المختصة) من البلاغ خطورة الحالة أو أنها تشكل تهديداً لحياة من تعرض للإيذاء أو سلامته أو صحته" تقوم الجهة غير المحددة المذكورة باتخاذ إجراءات إضافية مثل إحالة القضية إلى سلطة إدارية أو الأجهزة الأمنية، التي لها سلطة "التدخل العاجل أو الدخول إلى المكان الذي حدثت فيه واقعة الإيذاء". عندما ترى الجهة غير المحددة المذكورة أن الإيذاء يرقى إلى مستوى جنائي يمكنها إحالة الأطراف المخالفة إلى سلطات القضاء الجنائي للتوقيف والملاحقة القضائية. غير أن القانون لا يوضح تماماً كيف تصل الجهة المختصة إلى قرار أن الإيذاء يرقى إلى مستوى جنائي. يفرض القانون عقوبة للإيذاء الأسري تتراوح بين الحبس شهراً وعاماً، و/أو غرامة بين 5000 ريال (1333 دولاراً) و50 ألف ريال (13330 دولاراً) ما لم تنص أحكام الشريعة على عقوبة أغلظ. يمكن للقضاة مضاعفة العقوبات المقررة في حال تكرار المخالفين لأعمال الإيذاء. في 28 أغسطس/آب أعلنت الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الإنسان، المدعومة بوقف الملك فهد عن ترحيبها [3] بالنظام الجديد وإن أشارت إلى "ضرورة إصدار اللائحة التنفيذية للنظام عاجلاً لتطبيقه والاستفادة منه". يعرّف النظام الإيذاء بأنه قد يكون بدنياً أو نفسياً أو جنسياً، لكن لا يشير صراحة إلى كون الاغتصاب الزوجي جريمة، ويترك المجال لاختلاف التفسيرات حول ما يعد جريمة. لا يتصدى القانون أيضاً للنظم المؤسسية التي تكفل للأقارب من الذكور وأصحاب العمل سلطة مفرطة على أقاربهم من الإناث وعاملات المنازل، كما هو مشهود في نظام ولي الأمر السعودي وأنظمة كفالة العمال غير العادلة. في العديد من الحالات، يحتاج من يعيلهم أقارب رجال إلى دعم أو نقل بعيداً عنهم للإبلاغ عن مواقف تنطوي على إيذاء، وكذا الحال بالنسبة لأصحاب العمل والعمال، ويكون الأقارب الرجال وأصحاب العمل في العادة هم من ارتكبوا الإيذاء. كما وثقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها "قاصرات إلى الأبد" فإن نظام ولي الأمر والفصل الصارم بين الرجل والمرأة يحدان من قدرة النساء على المشاركة في الحياة العامة. هذا النظام التمييزي يمنع النساء والفتيات من السفر أو إجراء الأعمال الرسمية أو الخضوع لبعض الإجراءات الطبية دون موافقة ولي الأمر. لا يمكن للنساء القيادة في السعودية. يربط نظام الكفالة تصاريح إقامة العمال الوافدين بأصحاب العمل "الكفيل"، وموافقة الكفيل الكتابية مطلوبة كي يغير العامل وظيفته أو يغادر البلاد. كثيراً ما يسيئ أصحاب العمل استخدام هذه السلطة في خرق للقانون السعودي فيصادرون جوازات السفر ويحجبون الأجور ويجبرون العمال على العمل ضد إرادتهم أو بشروط استغلالية. قامت مؤسسة الملك خالد – وهي مؤسسة خيرية أنشئت في عام 2001 من قبل أقارب للملك الراحل – بتدشين حملة إعلامية [4] بارزة في وقت سابق هذا العام للتوعية بمشكلة العنف الأسري في السعودية، وقالت أن "ظاهرة المعنفات في المملكة العربية السعودية أكبر بكثير مما هو ظاهر على السطح ومما هو متوقع". بالإضافة إلى الحملة الإعلامية، قدمت المؤسسة أيضاً نسخة أولية من مشروع القانون الجديد وطالبت علناً بإقراره. لا توجد إحصاءات يعول عليها بشأن العنف الأسري في السعودية، ومن المرجح أن الأغلبية العظمى من الحالات تمر دون الإبلاغ عنها، نظراً لعزلة الضحايا وصعوبة الإبلاغ والسعي للإنصاف. أحياناً ما تواجه سيدات سعوديات وعاملات منازل وافدات يبلغن عن انتهاكات من قبيل الاغتصاب، أحياناً ما يواجهن تهماً مضادة بالزنا، مما يتركهن عرضة للملاحقة الجنائية. يمكن للآباء توجيه اتهامات جنائية ضد من يقومون بإعالتهم بتهمة "عقوق الوالدين". قالت هيومن رايتس ووتش إن السعودية بحاجة لإلغاء مثل هذه الممارسات إن كانت ثمة إرادة لأن يكون النظام [القانون] الجديد فعالاً. وقال جو ستورك: "يجب على الوزراء السعوديين إلغاء المؤسسات التمييزية التي تمكّن من وقوع هذه الإساءات، بما في ذلك نظام ولاية الرجل والقواعد غير العادلة التي تنظم عمل العمال الوافدين".