أضافه CRIN في
يتعرض الأطفال السوريون إلى ما تعجز الكلمات عن وصفه من معاناة على مدى ما يقرب من ثلاث سنوات من الحرب الأهلية، قامت الحكومة والميليشيات المتحالفة خلالها بعمليات قتل لا تعد ولا تحصى وتشويه وتعذيب، فيما قامت المعارضة بتجنيد الشباب واستخدام تكتيكات الإرهاب في المناطق المدنية، وفقا لتقرير الأمم المتحدة الأول حول هذه القضية.
وقال الأمين العام بان كي مون في التقرير، الذي صدر أمس إلى مجلس الأمن "يجب وضع حد للانتهاكات الآن، ولذلك أحث جميع أطراف النزاع على أن تتخذ، دون تأخير، جميع التدابير اللازمة لحماية واحترام حقوق جميع الأطفال في سوريا". ويسرد التقرير، الذي يغطي الفترة من الأول من آذار/مارس 2011 إلى 15 تشرين ثاني/نوفمبر 2013، مجموعة من الأوضاع المرعبة التي عانى منها الأطفال في سوريا منذ سعت المعارضة للاطاحة بالرئيس بشار الأسد، بدءا من سوء المعاملة، بما في ذلك العنف الجنسي، إلى انتهاك حقوقهم العامة مثل إغلاق المدارس والحرمان من الحصول على المساعدات الإنسانية. وأضاف السيد بان أن "التقرير يبرز أن استخدام الأسلحة والتكتيكات العسكرية غير المتناسبة والعشوائية من قبل القوات الحكومية والميليشيات المرتبطة بها أدى إلى قتل عدد لا يحصى من الأطفال وتشويههم، وأعاق فرص وصول الأطفال إلى التعليم والخدمات الصحية". وقال إن "القوات الحكومية مسؤولة أيضا عن الاعتقال والاحتجاز التعسفي، وسوء معاملة وتعذيب الأطفال، في حين أن جماعات المعارضة المسلحة مسؤولة عن تجنيد واستخدام الأطفال في القتال وأدوار الدعم، فضلا عن القيام بعمليات عسكرية، بما في ذلك استخدام تكتيكات الإرهاب، في مناطق مأهولة بالمدنيين، مما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين، بمن فيهم أطفال".
ويسلط التقرير الضوء على اختفاء العديد من الأطفال، مشيرا إلى أن جميع أطراف النزاع أعاقت بشكل خطير إيصال المساعدات الإنسانية في المناطق الأكثر تضررا من القتال. ويحذر التقرير من أن الأطفال تعرضوا لمستوى مرتفع من الشعور بالبؤس نظرا لمشاهدتهم مقتل وإصابة أفراد أسرهم وأقرانهم، أو تعرضهم للانفصال عن أسرهم و/ أو تشردهم. ويسرد التقرير تفاصيل اعتقال القوات الحكومية أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 11 سنة لارتباطهم المزعوم بالجماعات المسلحة خلال حملات اعتقال واسعة النطاق، مشيرا إلى أن الأطفال تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب لانتزاع الاعترافات منهم أو إذلالهم أو من أجل الضغط على أحد الأقارب للاستسلام أو الأعتراف. ووفقا للتقرير "يشمل التعذيب الضرب بالأسلاك المعدنية، والسياط والعصي الخشبية والمعدنية؛ والصدمات الكهربائية، بما في ذلك على الأعضاء التناسلية، وسحب أظافر اليدين والقدمين، والعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب أو التهديد بالاغتصاب، وعمليات إعدام وهمية، وحروق بالسجائر، والحرمان من النوم، والحبس الانفرادي، ومشاهدة تعذيب الأقارب"، وفقا لما جاء في التقرير. كما ذكر أن "التقارير تشير إلى أنه تم تعليق الأطفال أيضا من الجدران أو الأسقف من معاصمهم أو أطرافهم الأخرى، وأجبروا على وضع رؤوسهم وأعناقهم وسيقانهم خلال الإطارات حين تعرضهم للضرب، كما تم تقييدهم بلوحة خشبية وضربهم".
وأورد التقرير شهادة صبي يبلغ من العمر 16 عاما قال إنه شهد صديقه البالغ من العمر 14 عاما يتعرض لاعتداءات جنسية ومن ثم قتل. كما تحدث عن حالات قليلة لفتيات تعرضن للاغتصاب. وأضاف الصبى أن الأطفال والبالغين تعرضوا للضرب بالقضبان المعدنية، ونزع أظافرهم، وقطع أصابعهم، أو للضرب بمطرقة على الظهر، وأحيانا حتى الموت. ووردت أيضا ادعاءات حول ارتكاب جماعات المعارضة العنف الجنسي، إلا أنه تعذر على الأمم المتحدة مواصلة التحقيق بسبب صعوبة الوصول، حسبما جاء في التقرير. ويقول التقرير "تشارك جماعات المعارضة المسلحة أيضا في إعدام الأطفال"، مشيرا إلى أن صعوبة الوصول، بما في ذلك لأسباب أمنية، منعت الأمم المتحدة من إجراء التوثيق المنهجي. واستهدفت المدارس والمستشفيات بشكل غير متناسب من قبل جميع الأطراف، إلا أن هناك مؤشرات على أن القوات الحكومية هي الجاني الرئيسي وراء الهجمات ضد المستشفيات وغيرها من مراكز الرعاية الصحية، وبشكل رئيسي المرافق الصحية المؤقتة التي تديرها المعارضة، والتهديدات والهجمات ضد العاملين في المجال الطبي، وفقا للتقرير.
كما تلقت الأمم المتحدة أيضا تقارير عن حالات رفضت فيها جماعات المعارضة علاج المقاتلين الجرحى المواليين للحكومة، أو أساءت فيها استخدام سيارات الإسعاف، بما في ذلك لعبور نقاط التفتيش الحكومية. ومن بين توصياته، يدعو السيد بان جميع الأطراف إلى وقف كافة الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال التي ورد ذكرها في التقرير، ووضع حد لجميع الهجمات العشوائية وغير المتناسبة على المناطق المدنية، بما في ذلك أساليب الإرهاب، والغارات الجوية والأسلحة الكيميائية والمدفعية الثقيلة، والسماح بممر إنساني، والإفراج فورا عن النساء والأطفال المختطفين.