SOUTH SUDAN: Calls to end the death penalty (Arabic)

تدعو مجموعات حقوق الإنسان إلى إلغاء عقوبة الإعدام في جنوب السودان وإدخال تحسينات على الأحوال المزرية في السجون التي تشهد معاناة السجناء لسنوات دون مراعاة للأصول القانونية للمحاكمة.

وقد دعا بيان صدر يوم 5 نوفمبر ورسالة مرفقة لحكومة جنوب السودان، وقعت عليها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والكنيسة المحلية ومنظمات المجتمع المدني إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام، خاصة وأن "دولة جنوب السودان غير قادرة في الوقت الحالي على تقديم الحد الأدنى من الضمانات ... بشأن تطبيق عقوبة الإعدام". ووفقاً للبيان، تتمثل المعايير الدنيا لتطبيق عقوبة الإعدام في "الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة، بما في ذلك افتراض البراءة، والحق في مساعدة قانونية كافية في كل مراحل التقاضي، وحق الأشخاص المدانين في استئناف الأحكام أمام محكمة أعلى".

ولا يجوز فرض عقوبة الإعدام إلا "عندما تستند إدانة الشخص المتهم إلى دليل واضح ومقنع لا يدع مجالاً لأي تفسير بديل للوقائع".

وتجدر الإشارة إلى أن دولة جنوب السودان، التي حصلت على استقلالها في يوليو 2011 بعد عقود من الحرب الأهلية مع السودان، لا توفر المساعدة القانونية للمتهمين، أما قوات الشرطة، التي تم تعيين أفرادها من أدنى صفوف جيش المتمردين السابق، فتفتقر إلى التدريب الكافي. كما تعاني البلاد من نقص في القضاة، الذين غالباً ما يفتقرون إلى الخبرة، أو قضوا سنوات في العمل بموجب النظام القانوني الإسلامي في الخرطوم. ووفقاً لتقرير هيومان رايتس ووتش في شهر يونيو الماضي، يثير الازدواج بين المحاكم العرفية والرسمية في إطار النظام القانوني لجنوب السودان "مخاوف تتعلق بضمان حقوق إجراءات التقاضي السليمة".

إجراءات التقاضي السليمة

وقالت أودري غوغران، مديرة منظمة العفو الدولية في أفريقيا: "يجب أن يعلن الرئيس سلفا كير ميارديت فوراً وقف تنفيذ أحكام الإعدام بشكل رسمي، وعلى الحكومة أن تعالج بشكل عاجل أوجه القصور المستمر في تطبيق البلاد لمبدأ العدالة".

فرانكو لوكانغ أوهوري الذي يبلغ من العمر 19 عاماً هو أصغر شخص ينتظر تنفيذ حكم الإعدام في سجن جوبا المركزي المؤلف من ممر مترامي الأطراف يأوي نحو 100 رجل في صف طويل من الزنازين. دخل أهوري السجن في ديسمبر 2010، عندما حكم عليه بالإعدام شنقاً لقتله سارق ماشية مسلح أثناء أداء عمله كحارس ليلي.

وقال أوهوري لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "كنت أعمل ليلاً كشرطي [في القرية]. جاء اللصوص، فأوقفتهم تحت تهديد مسدسي،" مضيفاً أنه كان في حالة دفاع عن النفس لأن اللصوص أطلقوا ثلاث رصاصات باتجاهه. "لقد ارتكبت خطأً عندما قتلت [شخصاً]، لكنهم كانوا يطلقون النار علي".

يعرف زميله السجين أوديي جوزيف كاسيميرو، 30 عاماً، قضية أوهوري جيداً، لأنه كان ضابط الشرطة الذي أعد التقرير واكتشف الأخطاء مباشرة. "هناك من استحقوا دخول السجن ولكن آخرين لم يسحقوا ذلك،" كما أكد، مشيراً إلى أن القضاة "لا يأخذون في اعتبارهم القتل غير العمد، ويقفون إلى جانب الشاكي".

وفي الجمعية القانونية في جنوب السودان (SSLS)، من جهته، قال ديفيد دينغ أنه في غياب المحامين، لا أحد يعرف ما إذا كان الأبرياء يُرسلون إلى حبل المشنقة.

 

وأضاف قائلاً: "ربما كان القتل غير متعمد، أو ربما تم بناءً على عاطفة متأججة. كمحام مدرب، يمكنك تقديم حجج مختلفة وفقاً للقواعد القانونية المتبعة، ولكن في هذه الحالات، ودون الحصول على تمثيل قانوني، لا يمكن للناس القيام بذلك ببساطة".

وقال زميله الباحث في الجمعية القانونية في جنوب السودان دونغ سامويل أن "حرمان شخص ما من الحق في الحياة هو عقوبة قصوى لا رجعة فيها. ودون توفير حتى أبسط أنواع الحماية القانونية، يصبح خطر التعسف والخطأ مرتفعاً جداً".

انعدام الشفافية

وتحيط السرية بتفاصيل موعد تطبيق الإعدام وكفية تنفيذه. وتدعي جماعات حقوق الإنسان أن رجلين أُعدما شنقاً في سجن جوبا في 28 أغسطس، وأن أكثر من 200 سجين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، وهم مقيدون في زنازين مزدحمة وضيقة وقذرة، ولا يحصل إلا القليل منهم على استشارة قانونية ملائمة.

وقالت جيهان هنري، الباحثة في شؤون أفريقيا والمتخصصة في شؤون جنوب السودان لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، أن السجلات الخاصة بعقوبة الإعدام غائبة أو مخبأة: "بقدر ما نعلم، لا تحتفظ دولة جنوب السودان بسجلات واضحة عن عدد الأشخاص الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، وعدد الذين أُعدموا بالفعل أو حكم عليهم بالإعدام  ... وإذا كانت هناك [سجلات]، فهي غير متاحة لنا".

لم يستطع تالار دنغ، المستشار القانوني للرئيس سلفا كير الذي يوقع على أوامر تنفيذ الإعدام، أن يحدد موعد آخر حالة إعدام، أو آخر حالة عفو رئاسي، أو ما إذا كانت الحكومة قد حددت موعداً لمناقشة عقوبة الإعدام.

وقال دنغ: "مع هذا النوع من الجرائم - قتل الناس من دون عقاب، القتل العمد، قتل شخص بريء - يحتار الإنسان [بين] إنقاذ حياة المتهم وتنفيذ العدالة لمصلحة الضحية. هل تقف إلى جانب المجرم الذي يأخذ عمداً سلاحه ويطلق النار على شخص ما؟ هذه أسئلة صعبة للغاية".

واعترف بأن نظام العدالة يعاني من عدة مشاكل، من بينها اكتظاظ السجون، والحبس الاحتياطي دون توجيه اتهام، والعيوب في النظام القانوني، وعدم وجود المساعدة القانونية، والقرعة بين القانون العرفي والمحكمة لمحاسبة الناس.

 

وكانت الإجابة على تساؤلات حول الحكم على الناس بالإعدام دون إتاحة الفرصة للدفاع عن أنفسهم عبارة عن تطمينات بأن كبار المتخصصين في المحكمة العليا يتولون إدارة قضايا الاستئناف.

ولكن في سجن العاصمة المتهدم، الذي بني ليسع 500 شخص لكنه يضم أكثر من 1,200، لم يسمع أحد عن استئناف ناجح ضد عقوبة الإعدام.

وقال جوزيف لوغا كاموكا، 55 عاماً، الذي اعترف بقتل عشيق زوجته في عام 2006، أنه استمتع بنصر عابر عندما اعتبرته المحكمة العليا "لا يصلح للإعدام".

وسُمح في البداية لكاموكا باللجوء إلى القانون العرفي لدفع ثمن جريمته، في صورة أبقار، ولكن الأسرة رفضت قبول الدية، فأعيد مرة أخرى إلى صفوف المحكوم عليهم بالإعدام في عام 2010 دون المال اللازم لتوكيل محام.

وأضاف أن "الكثير من الناس هنا ليس لديهم محامون. لقد خرجنا من حرب للتو وما تزال عائلاتنا فقيرة".

الحبس الاحتياطي لسنوات

في الوقت نفسه، هناك المئات من السجناء بحاجة ماسة للوصول الى المحكمة ليحاكموا بعد احتجازهم لفترات طويلة في الحبس الاحتياطي، وأحياناً بناءً على أدلة واهية، حسب زعمهم.

وأفاد جورج هاجر، 32 عاماً، وهو مواطن ليبيري يملك عملاً تجارياً صغيراً، أنه مسجون منذ يوليو 2011 وليست لديه فكرة عن السبب. ولا يستطيع هاجر الاتصال بزوجته، التي لم يرها منذ القبض عليه في الشارع.

وشرح قصته قائلاً: "كل ما قاله لي القاضي أن علي قضاء عامين هنا - ليست لدي فكرة عن السبب ... الرجل الذي أحضرني إلى هنا كان عسكرياً".

تمت محاكمة هاجر ولكن دون مترجم، وبالتالي لم يفهم التهم التي تم توجيهها له لأن المحاكمة كانت باللغة العربية.

وأضاف قائلاً: "قالوا لي أن علي البقاء هنا لمدة عامين أو دفع 8,000 جنيه جنوب سوداني [حوالي 2,670 دولاراً] للخروج ... دفعت المبلغ، ولكن المحكمة قالت أنها لم تحصل عليه، وأنا ما زلت هنا".

وفي قسم الشباب، اعترف جيمس كينيي واني، 11 عاماً، بسرقة دراجة نارية، ولكن لم يتم تحديد تاريخ للمحاكمة أو تعيين محام له. وقال: "أنا موجود في هذا المكان منذ ثلاثة أشهر، ولا أعرف ما سيحدث. أريد فقط أن أذهب إلى المدرسة".

ويضطر واني إلى النوم على الأرض، مثل غيره من المحبوسين احتياطياً، في حين يستمتع المدانون بسرير فردي لكل منهم. وأضاف أن "ظروف النوم ليست جيدة، ولا يتوفر الماء أحياناً أما مواعيد الغذاء فغير منتظمة".

نقص التمويل

وتزعم الحكومة أنها لا تملك المال اللازم لعلاج المصابين بأمراض عقلية الذين يسجنون في الكثير من الأحيان لعدم وجود مصحة. "يحتاج المصابون بأمراض عقلية إلى أدوية،" كما أشار أندرو مونيدينغ، أحد مسؤولي السجن معلقاً على وجود حوالي 50 مريضاً في سجن جوبا.

وأكد كلاوس ستيغليتز، مدير جمعية "ساين أوف هوب" وهي جمعية خيرية ألمانية تعنى بحقوق الإنسان، أن "النظام القضائي بحاجة ماسة لأموال الدولة... إذا أردنا إنشاء نظام قضائي في ظل سيادة القانون، فلا بد أن يحظى هذا النظام بالمزيد من المخصصات المالية".

وتعمل جمعية "ساين أوف هوب" على تحسين حقوق الإنسان في سجن رومبيك بولاية البحيرات، التي يعمل بها "ثمانية قضاة محليين بينما يبلغ عدد سكانها أكثر من 700,000 نسمة ويماثل حجمها مساحة الدنمارك". وتأمل الجمعية في مساعدة السجناء في العاصمة أيضاً.

وأضاف ستيغليتز أن "ميزانية حكومة جنوب السودان لعام 2011، وفقاً لمسح الأسلحة الصغيرة، أظهرت أن نفقات موظفي السجون تبلغ 129 مليون جنيه جنوب سوداني [حوالي 43 مليون دولار] في حين أن الموازنة التشغيلية لـ 38 سجناً في جنوب السودان لا تزيد عن خمسة ملايين جنيه جنوب سوداني [حوالي 1.6 مليون دولار]". هذا مبلغ صغير جداً لا يكفي للحفاظ على "القواعد الدولية الدنيا لمعاملة السجناء".

من جانبه، أشار مونيدينغ إلى وجود 21,000 شخص يعملون بمصلحة السجون مقابل 6,000 سجين، وسجن واحد فقط، في مدينة بور بولاية جونقلي، يتم تشغيله وفقاً للمعايير الدولية.

ونظراً لتنفيذ تدابير تقشفية بعد اتخاذ جنوب السودان قراراً بوقف انتاج النفط في بداية العام (إيرادات النفط تمثل 98 بالمائة من ميزانيتها) لا توجد خطط لإدخال تحسينات، وسيتم تأجيل إنفاق المال اللازم لتدريب 75 قاضياً.

"في ظل تدابير التقشف، لا أعتقد أننا سيكون لدينا ما يكفي من الأموال خلال العام المالي الحالي،" كما قال المستشار القانوني للرئاسة تالار دنغ، موضحاً أن "كل شيء يعتبر أولوية" في جنوب السودان.

 

pdf: http://arabic.irinnews.org/ReportArabic.aspx?SID=3341

Country: 

Please note that these reports are hosted by CRIN as a resource for Child Rights campaigners, researchers and other interested parties. Unless otherwise stated, they are not the work of CRIN and their inclusion in our database does not necessarily signify endorsement or agreement with their content by CRIN.