JORDAN: A Move to Censor Online Expression (Arabic)

(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن القانون الأردني المقترح الذي يطالب المنشورات الإلكترونية بالحصول على ترخيص والذي يمنح السلطات التنفيذية سلطة إغلاق المواقع غير المرخصة، هو قانون يهدد حرية التعبير على الإنترنت. كانت الحكومة الأردنية قد أرسلت في 22 أغسطس/آب 2012 مسودة بتعديلات على قانون المطبوعات والنشر إلى البرلمان كي يوافق عليه.

وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في هيومن رايتس ووتش: "لطالما فرضت الحكومة الأردنية قيوداً على كيفية تعبير الأردنيين عن آرائهم وأفكارهم. وها هي تحاول الآن مد هذه القيود إلى التعبير على الإنترنت".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن أخطار القانون المقترح على التعبير عن الرأي على الإنترنت تنبع من تعريف القانون الفضفاض لـ "المطبوعات الإلكترونية" الخاضعة للقانون، وتنبع من قدرة السلطة التنفيذية على حجب المواقع، والقيود غير المعقولة على المحتوى الإلكتروني، بما في ذلك التعليقات التي ينشرها مستخدمو المواقع.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ما زال من غير الواضح ما هي المطبوعات الإلكترونية التي ستخضع لهذا القانون. تعريف المطبوعة الإلكترونية في القانون المقترح هو: "موقع إلكتروني له عنوان إلكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر بما في ذلك الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات"، ويمكن أن يشمل ذلك المواقع المُسجلة في الخارج وبأية لغة.

القانون المقترح – وهو السادس من نوعه في سلسلة من التعديلات على قانون المطبوعات والنشر لعام 1998 – سيعدل المادة 49 من القانون بحيث يصبح مطلوباً التسجيل لدى وزارة التجارة والحصول على ترخيص من قسم المطبوعات والنشر بوزارة الثقافة، لأي "مطبوعة إلكترونية تنشر الأخبار والتحقيقات والمقالات والتعليقات ذات العلاقة بالشؤون الداخلية أو الخارجية للمملكة".

التغييرات المقترحة على مادتين من مواد القانون تُمكنان السلطات من حجب المواقع في ظروف معينة. المادتان 48 و49 تعطيان مدير قسم المطبوعات والنشر سلطة حجب المواقع غير المرخصة أو التي تُرى على أنها تخرق أي قانون، وسلطة إغلاق مكتب الموقع، إن وُجد، دون إبداء سبب ودون الحصول على أمر من المحكمة بذلك. يمكن للأطراف المتضررة أن تطعن على القرار أمام محكمة العدل العليا، وهي محكمة إدارية.

كما أن التعديلات في المادة 49 تجعل من مالك الموقع، ورئيس تحريره ومدير المطبوعة الإلكترونية يتشاركون في مسؤولية التعليقات أو الرسائل التي يبثها المستخدمون على موقعهم. يصبح بموجب التعديلات مدراء الموقع الإلكتروني مسؤولين عن عدم نشر تعليقات المستخدمين التي تحتوي على معلومات أو حقائق لا صلة لها بالمادة الخبرية والتعليقات التي لم يتم تحري صحتها، أو إذا كانت التعليقات تخرق أي قوانين.

لم تُبد الحكومة سبباً مقبولاً لحظر تعليقات المستخدمين غير ذات الصلة بموضوع التعليق، وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذا الحظر يبدو أنه يضيق بشكل متعسف على الحق في حرية التعبير. كما أن إلزام مدراء المواقع بتحري صحة التعليقات ليس تضييقاً مشروعاً على حرية التعبير، الذي يتضمن الحق في إبداء التصريحات غير مثبتة الصحة أو حتى التعليقات غير الصحيحة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن مطلب التدقيق في التعليقات لتحري صحتها مطلب غير معقول. فليس من الممكن عملاً لأسباب كثيرة – من بينها ضخامة عدد التعليقات التي ينشرها المستخدمون بعد ظهور المادة الخبرية بقليل على الموقع وصعوبة تأكيد "صحة" التعليق [المنطوي على آراء].

وأضافت هيومن رايتس ووتش أن مطلب امتناع مدراء المواقع عن نشر تعليقات المستخدمين التي "تخالف القوانين" يكون له هدف مشروع عندما تخرق التعليقات القوانين المعقولة. لكن القوانين الأردنية لا تدخل ضمن القوانين المعقولة التي لا تناقض المعايير الدولية لحرية التعبير. كما يمكن أن يستتبع نشر التعليقات المنطوية على القدح والذم أو تلك التي تحرض على العنف، ضرورة إزالة هذه التعليقات، لا أن تتم مقاضاة مدراء المواقع، كما تتطلب القوانين الأردنية.

في تقرير فرانك لا رو مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير الذي رفعه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو/أيار 2011، قال: "تحميل وسطاء النشر مسؤولية المحتوى الذي ينشره أو يكتبه مستخدمي المواقع يقوض بدرجة خطيرة من التمتع بالحق في حرية الرأي والتعبير، بما أنه يؤدي إلى رقابة ذاتية مشددة من طرف الأفراد لحماية النفس، عادة دون شفافية ودون كفالة إجراءات التقاضي السليمة بموجب القانون". وأضاف لا رو: "إجراءات الرقابة يجب ألا تُركن أبداً إلى هيئة أو كيان خاص، و... يجب ألا يُحمل أحد المسؤولية عن المحتوى على الإنترنت دون أن يكون هو كاتبه".

تحتوي القوانين الأردنية على قيود عديدة على المحتوى، منها المواد 5 و7 و38 من قانون المطبوعات والنشر، والمواد 122 و188 إلى 200 من قانون العقوبات، وهي المواد التي تجرم التشهير، ويشمل القدح والذم، بما في ذلك بحق كيانات وليس أفراد، مثل المؤسسات الحكومية والرموز والأديان. هذه القوانين تجعل من مثل هذه المخالفات جرائم يُعاقب عليها بأحكام بالسجن، وهو ما يناقض الأدلة التوجيهية التي عليها إجماع بشأن الحق في حرية التعبير، التي أعربت عنها لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 الصادر في عام 2011. ذكرت اللجنة أن: "على الدول الأطراف النظر في أمر وقف تجريم التشهير، وفي كل الحالات يجب ألا ينطبق القانون الجنائي إلا بحذر شديد في أكثر القضايا [الخاصة بالتشهير] جسامة، ولا تعتبر أبداً عقوبة الحبس بالعقوبة المناسبة".

يمكن مطالبة محرري المواقع الإلكترونية بإزالة بعض أنواع التعليقات المسيئة ما إن ينتبهوا إلى وجودها، لكن عندما يكون عدد التعليقات المنشورة كبيراً، مثل على مواقع الفيس بوك أو تويتر، أو عندما تكون إمكانيات رصد ومراجعة التعليقات منخفضة، مثل حالة المدونات الشخصية، فمن غير المعقول توقع أن يراجع مدراء المواقع التعليقات جميعاً قبل السماح بنشرها، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

في التقرير نفسه، أوضح لا رو أن: "في حالات التشهير بسمعة أفراد [على الإنترنت]، ونظراً لقدرة الشخص المعني على ممارسة حقه في الرد فوراً للتعويض عن الضرر الحادث، فربما تكون العقوبات المفروضة في حالة التشهير بعيداً عن الإنترنت غير ضرورية أو متناسبة في حالة التشهير على الإنترنت".

في عام 2011 اقترحت الحكومة اقتراحاً ثم سحبته، بتعديلات على القانون الخاص بإنشاء هيئة مكافحة الفساد، من شأنه حبس أي شخص لستة أشهر يُدلي بمزاعم "غير مبررة" بوقائع فساد. في عام 2010 أصدرت الحكومة قانون جرائم نظم المعلومات، والمادة 8 منه تفرض غرامة 100 إلى 2000 دينار أردني (140 إلى 2800 دولار أمريكي) على إرسال أو نشر أي مادة تشهيرية بحق شخص آخر من خلال نظم المعلومات، بما في ذلك عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو الشبكة المعلوماتية.

كما عارضت هيومن رايتس ووتش مطالب ترخيص "المطبوعات الإلكترونية" بما أنها تناقض المعايير الدولية. لجنة حقوق الإنسان في التعليق العام 34 ذكرت أن: "نُظم ولوائح التسجيل أو الترخيص المعممة التي تفرضها الدولة على الصحفيين جميعاً تُعد غير متسقة مع القيود المسموح بها للحق في حرية التعبير" وأضافت: "أي قيود على تشغيل المواقع الإلكترونية أو المدونات أو غيرها من المطبوعات على الشبكة المعلوماتية... أو نظم نشر المعلومات... لا يُسمح بها إلا بدرجة اتساقها مع" هذه القيود [المسموح بها للحق في حرية التعبير].

وقالت هيومن رايتس ووتش إن مطالبة المدونين ونشطاء حقوق الإنسان الذين يكتبون على مواقعهم، أو على غير ذلك من سبل نشر المعلومات على الإنترنت، بأن يحصلوا على تراخيص، يعني فرض أعباء غير لازمة على حقهم في حرية التعبير، كما أن القيود على المحتوى مع المعاقبة على التشهير جنائياً، والقيود على تعليقات المستخدمين، هو أمر مؤداه الإخفاق في الوفاء بمعايير القيود المسموح بفرضها على حق حرية التعبير.

تقوم لجنة التوجيه الوطني بمجلس النواب بمراجعة التعديلات حالياً، ثم سيتم إرسالها إلى عموم مجلس النواب للتصويت عليها.

وقال كريستوف ويلكى: "على النواب الأردنيين رفض هذه التعديلات لقانون المطبوعات والنشر".

كان رد الفعل من مستخدمي تكنولوجيا المعلومات الأردنيين على التعديلات المقترحة سلبية في الأغلب الأعم. قال طارق مومني نقيب الصحفيين لـ هيومن رايتس ووتش إنه طالب بسحب التعديلات المقترحة. وعرض مركز حماية وحرية الصحفيين، المنظمة الحقوقية البارزة، مذكرة قانونية تفصيلية مفادها أن التعديلات المقترحة غير سليمة قانونياً وغير قابلة للتطبيق.  أما تنسيقية المواقع الإخبارية الإلكترونية – وتمثل 21 موقعاً إخبارياً – فقد أدانت المقترحات في 25 أغسطس/آب، بينما قامت مجموعة مهنية أخرى، هي الاتحاد الأردني للصحافة الإلكترونية فقد أعلن رفض سلطة حجب المواقع، بينما رحب بجهود تطبيق نفس المعايير القانونية الخاصة بالإعلام المطبوع على المطبوعات الإلكترونية.

وفي 3 سبتمبر/أيلول أصدر المركز الوطني لحقوق الإنسان بياناً ذكر فيه متطلبات المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي أصبح قانوناً داخلياً أردنياً بعد نشره في الجريدة الرسمية في عام 2006، وذلك قبل أن تقيد الحكومة قانوناً الحق في حرية التعبير. تطالب المادة 19 من العهد الدولي أي قيود على حرية التعبير بأن تكون ضرورية في المجتمع الديمقراطي ولحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حقوق وحريات الآخرين.

كثيراً ما يجد المشتغلين بالإعلام والمواطنين العاديين في الأردن أنفسهم متهمين ومُدانين في مخالفات جنائية على صلة بالتعبير عن الرأي. في أبريل/نيسان الماضي احتجز الادعاء العسكري بمحكمة أمن الدولة جمال المحتسب، ناشر موقع جراسا نيوز، لمحاولة "تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة"، بشأن مقال ظهر على موقعه يزعم كاتبه وجود مخالفات معينة في تحقيق خاص بالفساد. القضية ما زالت مفتوحة، مع عدم بدء المحاكمة بعد، على حد قول المحتسب لـ هيومن رايتس ووتش، وهو مُفرج عنه بعد أن سدد كفالة.

وفي 26 يوليو/تموز تم حجب إرسال قناة "جو-سات" الفضائية الأردنية الخاصة، التي تعمل منذ ثلاث سنوات، والظاهر أن الحجب قد تم بناء على أوامر من طرف أردني مجهول، على حد قول رولا الحروب المذيعة بالقناة لـ هيومن رايتس ووتش. وقبلها بليلة كانت رولا الحروب قد استضافت أربعة ضيوف ناقشوا جهود الإصلاح الحكومية في برنامج "كلام في الصميم"، وركز النقاش على قانون الانتخابات الجديد. قال د. رياض الحروب، مدير القناة إنه يعتقد أن القناة قد مُنعت من البث لأسباب سياسية.

وحتى 26 يوليو/تموز كانت جو-سات تبث إرسالها على شركة القمر الصناعي المصرية نايل سات. ما زالت ممنوعة من البث منذ أوقفت نايل سات بثها.

في 14 أغسطس/آب اتهم النائب العام في عمان رولا الحروب وضيوفها الأربعة بمناهضة نظام الحكم والمس بكرامة الملك والإساءة لهيبة مؤسسة بالدولة، على حد قول الحروب وضيوفها لـ هيومن رايتس ووتش. الضيوف هم لبيب قمحاوي، العضو بجماعة معارضة، وجعفر حوراني، النائب البرلماني السابق عن جبهة العمل الإسلامي، أكبر حزب معارض، ود. محمد الكفاوين الأمين العام لحركة اليسار الاجتماعي، وغازي الفايز، النائب البرلماني السابق والعضو الحالي بجماعة معارضة. يواجه الفايز اتهامات إضافية بـ "التحريض على قلب النظام". لم تتم إحالة القضية للمحكمة بعد وما زال المتهمين طُلقاء.

وقال كريستوف ويلكى: "الحكومة تستخدم بالفعل القوانين القائمة في مطاردة الخصوم والمنتقدين". وأضاف: "على الدولة أن تتراجع عن استخدام هذه القوانين لا أن تمدها إلى التعبير عن الرأي على الإنترنت".   

pdf: http://www.hrw.org/ar/news/2012/09/10

Country: 

Please note that these reports are hosted by CRIN as a resource for Child Rights campaigners, researchers and other interested parties. Unless otherwise stated, they are not the work of CRIN and their inclusion in our database does not necessarily signify endorsement or agreement with their content by CRIN.